العزة
كانت الحرب تدور بين المسلمين
والفرس، فطلب رستم قائد الفرس أن يتشاور في الصلح مع المسلمين؛ فأرسل سعد
بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قائد المسلمين الصحابي الجليل رِبْعِي بْنَ
عامر -رضي الله عنه- ليعرض مطالب المسلمين، وعلى الفور ذهب ربعي بن عامر،
ودخل القصر ممتطيا جواده، سائرًا به فوق البساط الفاخر الموضوع على الأرض،
وحينما طلب جنود قائد الفرس من ربعي النزول رفض، وقال في عزة: لم آتِكم من
تلقاء نفسي، وأنتم الذين دعوتموني، فإن رضيتم بذلك، وإلا رجعتُ. فقبل الفرس
وقلوبهم تكاد تتفجر من الغيظ.
وحينما دخل على قائدهم رستم، عرض عليه
الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو تكون الحرب بينهما، وقال له في عزة
وكرامة: أيها القائد، إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى
عبادة رب العباد، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى
سَعَة الآخرة.
*بعث الخليفة هارون الرشيد إلى الإمام مالك، فلما حضر قال
له الخليفة: ينبغي عليك أن تتردد علينا؛ حتى يسمع أبناؤنا (الأمين
والمأمون) منك الموطأ (وهو الكتاب الذي جمع فيه الإمام مالك أحاديث الرسول
صلى الله عليه وسلم).
فقال الإمام مالك: أعزَّ الله أمير المؤمنين، إن
هذا العلم من بيتكم، فإن أعززتموه عز، وإن أذللتموه ذل، والعلم يؤتَى إليه،
ولا يأتي إلى أحد.
فقال له الخليفة: صدقتَ، ثم وجَّه حديثه إلى ولديه
قائلا: اذهبا إلى المسجد، حتى تسمعا مع الناس. فقال الإمام مالك: بشرط أن
يجلسا حيث ينتهي بهما المجلس، ولا يتقدما على الناس، فقبل الخليفة ذلك.
*ما هي العزة؟
العزة
هي الرفعة والبعد عن مواطن الذل والمهانة. فالله يأمرنا أن نكون أعزاء، لا
نذل ولا نخضع لأحد من البشر، والخضوع إنما يكون لله وحده، فالمسلم يعتز
بدينه وربه، ويطلب العزة في رضا الله -سبحانه-، وقد قيل: من طلب العزة بغير
طاعة الله أذله الله.
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كنا أذلاء، فأعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.
قيل: الذلة لرب العباد عزة، والذلة للعباد ذلة.
وقيل: من طلب العزة بغير طاعة الله أذله الله.
وصدق الشاعر حين شبه التذلل للعباد بالموت، فقال:
مـن يَهُنْ يَسْـهُـلِ الهـوان عليـه
ما لجُـرْحٍ بميـِّـــت إِيـــلامُ
وقال آخر:
إذا أنت لم تَعْـرِفْ لنـفسك حقها
هوانًا بها كانت على الناس أهـونــا
فنفسكَ أكرمها وإن ضاق مسكـن
عليك بها فاطلب لنفسك مسكـنــا
عزة الله:
الله
-سبحانه- هو العزيز الحكيم، يعطي العزة من يشاء ويمنعها عمن يشاء، {قل
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران: 26]. وقال
تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}
[المنافقون: 8].
أنواع العزة:
من عزة المسلم ألا يكون مستباحًا لكل
طامع، أو غرضًا لكل صاحب هوى، بل عليه أن يدافع عن نفسه وعِرْضِهِ وماله
وأهله، والمسلم يرفض إذلال نفسه، حتى لو قتل في سبيل عزته وكرامته، ويبدو
ذلك واضحًا في موقف الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسول الله، أرأيتَ إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ فقال الرسول صلى الله عليه
وسلم: (فلا تعطِهِ مالك). فقال الرجل: أرأيت إن قاتلني؟ فقال صلى الله عليه
وسلم: (قاتلْه).
فقال الرجل: أرأيتَ إن قتلني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (فأنت شهيد).
فقال الرجل: أرأيت إن قتلتُه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (هو في النار) [مسلم].
فهكذا
يعيش المسلم محتفظًا بكرامته؛ لا يضعف، ولا يلين، ولا يتنازل عن شيء من
كرامته وعزته من أجل مالٍ قليل، أو عَرَضٍ دنيوي يزول، وكما جاء في الحديث:
(من جلس إلى غني فتضعضع (تذلل) له لدنيا تصيبه، ذهب ثلثا دينه، ودخل
النار) [الطبراني].
ولكي يحافظ المسلم على عزته، ويجعل دينه عزيزًا
ودولته عزيزة، يجب عليه أن يعمل، ويكد ويتعب؛ حتى تتحقق له القوة، فلا عزة
للضعفاء الذين يمدون أيديهم للناس ويأكلون بلا تعب.
كانت الحرب تدور بين المسلمين
والفرس، فطلب رستم قائد الفرس أن يتشاور في الصلح مع المسلمين؛ فأرسل سعد
بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قائد المسلمين الصحابي الجليل رِبْعِي بْنَ
عامر -رضي الله عنه- ليعرض مطالب المسلمين، وعلى الفور ذهب ربعي بن عامر،
ودخل القصر ممتطيا جواده، سائرًا به فوق البساط الفاخر الموضوع على الأرض،
وحينما طلب جنود قائد الفرس من ربعي النزول رفض، وقال في عزة: لم آتِكم من
تلقاء نفسي، وأنتم الذين دعوتموني، فإن رضيتم بذلك، وإلا رجعتُ. فقبل الفرس
وقلوبهم تكاد تتفجر من الغيظ.
وحينما دخل على قائدهم رستم، عرض عليه
الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو تكون الحرب بينهما، وقال له في عزة
وكرامة: أيها القائد، إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى
عبادة رب العباد، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى
سَعَة الآخرة.
*بعث الخليفة هارون الرشيد إلى الإمام مالك، فلما حضر قال
له الخليفة: ينبغي عليك أن تتردد علينا؛ حتى يسمع أبناؤنا (الأمين
والمأمون) منك الموطأ (وهو الكتاب الذي جمع فيه الإمام مالك أحاديث الرسول
صلى الله عليه وسلم).
فقال الإمام مالك: أعزَّ الله أمير المؤمنين، إن
هذا العلم من بيتكم، فإن أعززتموه عز، وإن أذللتموه ذل، والعلم يؤتَى إليه،
ولا يأتي إلى أحد.
فقال له الخليفة: صدقتَ، ثم وجَّه حديثه إلى ولديه
قائلا: اذهبا إلى المسجد، حتى تسمعا مع الناس. فقال الإمام مالك: بشرط أن
يجلسا حيث ينتهي بهما المجلس، ولا يتقدما على الناس، فقبل الخليفة ذلك.
*ما هي العزة؟
العزة
هي الرفعة والبعد عن مواطن الذل والمهانة. فالله يأمرنا أن نكون أعزاء، لا
نذل ولا نخضع لأحد من البشر، والخضوع إنما يكون لله وحده، فالمسلم يعتز
بدينه وربه، ويطلب العزة في رضا الله -سبحانه-، وقد قيل: من طلب العزة بغير
طاعة الله أذله الله.
وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: كنا أذلاء، فأعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.
قيل: الذلة لرب العباد عزة، والذلة للعباد ذلة.
وقيل: من طلب العزة بغير طاعة الله أذله الله.
وصدق الشاعر حين شبه التذلل للعباد بالموت، فقال:
مـن يَهُنْ يَسْـهُـلِ الهـوان عليـه
ما لجُـرْحٍ بميـِّـــت إِيـــلامُ
وقال آخر:
إذا أنت لم تَعْـرِفْ لنـفسك حقها
هوانًا بها كانت على الناس أهـونــا
فنفسكَ أكرمها وإن ضاق مسكـن
عليك بها فاطلب لنفسك مسكـنــا
عزة الله:
الله
-سبحانه- هو العزيز الحكيم، يعطي العزة من يشاء ويمنعها عمن يشاء، {قل
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } [آل عمران: 26]. وقال
تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}
[المنافقون: 8].
أنواع العزة:
من عزة المسلم ألا يكون مستباحًا لكل
طامع، أو غرضًا لكل صاحب هوى، بل عليه أن يدافع عن نفسه وعِرْضِهِ وماله
وأهله، والمسلم يرفض إذلال نفسه، حتى لو قتل في سبيل عزته وكرامته، ويبدو
ذلك واضحًا في موقف الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسول الله، أرأيتَ إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ فقال الرسول صلى الله عليه
وسلم: (فلا تعطِهِ مالك). فقال الرجل: أرأيت إن قاتلني؟ فقال صلى الله عليه
وسلم: (قاتلْه).
فقال الرجل: أرأيتَ إن قتلني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (فأنت شهيد).
فقال الرجل: أرأيت إن قتلتُه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (هو في النار) [مسلم].
فهكذا
يعيش المسلم محتفظًا بكرامته؛ لا يضعف، ولا يلين، ولا يتنازل عن شيء من
كرامته وعزته من أجل مالٍ قليل، أو عَرَضٍ دنيوي يزول، وكما جاء في الحديث:
(من جلس إلى غني فتضعضع (تذلل) له لدنيا تصيبه، ذهب ثلثا دينه، ودخل
النار) [الطبراني].
ولكي يحافظ المسلم على عزته، ويجعل دينه عزيزًا
ودولته عزيزة، يجب عليه أن يعمل، ويكد ويتعب؛ حتى تتحقق له القوة، فلا عزة
للضعفاء الذين يمدون أيديهم للناس ويأكلون بلا تعب.