بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
"ومن الناسِِ من يعبد الله على حرفٍ فان أصابه خيرٌ اطمأن به وان أصابته
فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من
دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد * يدعو لمن ضره
أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير"
"سورة الحج، الآيات "10، 11، 12"
مقدمة
عادة ما نواجه في حياتنا اليومية ضغوطا كثيرة تؤثر على نفسيتنا، وبالتالي
يتأثر سلوكنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين بناء على ذلك. من تلك الضغوط
النفسية التي نواجهها يوميا، ما تتعرض له المرأة مثلا من ضغوط الاهتمام
بشؤون الأسرة، كالاهتمام بتربية الأولاد، والسهر على راحتهم، والعمل على
تلبية احتياجاتهم التي لاتنتهي! وربما هناك أيضا ضغوط العمل خارج المنزل
التي تزيد من أعبائها، وبالتالي فإن الأم تتأثر نفسيتها من جراء تلك الضغوط
المرتبطة بطبيعة عملها المنزلي والخارجي، مما يؤثر على سلوكها وأسلوب
تعاملها مع أفراد أسرتها.
في المقابل فإن الرجل أيضا يتعرض يوميا لضغوط نفسية لاتقل حدة عن تلك التي
تتعرض لها المرأة. من تلك الضغوط مايواجهه الرجل أثناء تأدية عمله، من
تحديات بحسب طبيعة عمله، وما يواجهه من منافسات من جهات عمل أخرى، وكذلك
الاختلاف في الرأي مع الرؤساء أو المرؤوسين، واستمرار الانشغال بتوفير
متطلبات الأسرة المادية والمعنوية، كل ما سبق يمثل ضغوطا نفسية لها أكبر
الأثر على سلوك الرجل مع زملائه في العمل، وكذلك مع أفراد أسرته.
وهناك أيضا، ضغوط الدراسة وأداء الاختبارات التي دائما ما تواجه الطلاب
أثناء دراستهم، فالطلاب يواجهون يوميا تحديات دراسية مختلفة، ومواقف تتطلب
منهم البذل والعطاء لإثبات الوجود والنجاح، كل ذلك يتكرر يوميا مما يسبب
ضغوطا نفسية للطالب وأهله.
فالضغوط النفسية أمر لا بد منه في مناحي حياتنا اليومية، وربما تكون هذه
الضغوط ضرورية في بعض الأحيان لتكون دافعا لنا لأداء أعمالنا والقيام
بمهماتنا المختلفة. غير أن الضغوط النفسية المفرطة، ربما تكون أكبر من أن
نستطيع تحملها، مما يؤدي إلى عدم القدرة على مواجهتها، وبالتالي قد تؤثر
على نفسيتنا وسلوكنا مع الآخرين.
ماذا نعني بالضغط النفسي؟
الضغط النفسي، ببساطة، هو ما نواجهه في حياتنا اليومية من تغيرات داخلية أو
خارجية، وهذه التغيرات ربما تكون تغيرات إيجابية أو سلبية، وقد تسبب
اضطراباً نفسياً أو جسدياً. ونحن لكي نستطيع الحياة بدون منغصات بحاجة
للتكيّف مع تلك التغيرات والضغوط.
من تلك التغيرات التي ربما نواجهها في الحياة اليومية، والتي تسبب ضغوطا
نفسية كبيرة، التغيرات السلبية التي تتمثل بوفاة شخص عزيز، أو نهاية الحياة
الزوجية بالطلاق، أو الفشل في تجارة، أو عدم القدرة على الحصول على وظيفة
مناسبة، أو استحالة القبول في أحد المؤسسات الأكاديمية للحصول على شهادة
دراسية مناسبة، إلى غير ذلك من أمور.
كما أن هناك ضغوطا نفسية، قد تكون نتيجة مضايقات يومية متكررة نواجهها في
حياتنا اليومية، كأداء أعمالنا الروتينية، أو مواجهة الاختناقات المرورية،
أو التعامل مع المراجعين، كل ذلك يؤثر بطريقة أو أخرى على طبيعية حياتنا
اليومية، ومدى سعادتنا من عدمها.
مما تقدم تبين لنا أن هناك تغيرات سلبية تمثل ضغوطا نفسية ربما تؤثر على
حياتنا إذا لم نتكيف معها بطريقة جيدة. وهناك أيضا نوع من الضغوط النفسية
التي ربما تكون نتيجة لتغيرات إيجابية قد تطرأ علينا في حياتنا اليومية وقد
تسبب ضغطا نفسيا قد ينعكس أثره على سلوكنا في حياتنا اليومية، من تلك
المتغيرات الإيجابية خبرة الزواج الذي يعده الجميع من الخبرات السارة
والسعيدة، إلا أن هذا الحدث غالبا ما يكون مرتبطا بنوع من الضغوط النفسية
التي تؤثر بدون شك على أسلوب حياتنا، وطريقة تعاملنا مع الآخرين. وهناك
أيضا خبرة الولادة، أو مباشرة عمل جديد، أو الدخول للمدرسة لأول مرة، أو
الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، وهكذا. كل ذلك يعد من الضغوط النفسية
التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على سلوكنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين.
كيف يؤثر الضغط النفسي على الصحة؟
الضغط النفسي يعد من العوامل المهمة التي لها تأثير واضح على طبيعة حياتنا
الصحية، فالضغوط النفسية كما ذكرنا سابقا، لها أثر سلبي على توافقنا مع
البيئة التي نعيش فيها، ونحن نحاول دائما التوافق مع الظروف التي نعيشها
لكي نقلل من الأثر السلبي لتلك الضغوط النفسية التي قد نواجهها.
إن التكيف مع الضغوط النفسية يساعدنا على تحسين قدراتنا في مواجهة تلك
الضغوط، أما إذا أصبح الضغط النفسي مشكلة يصعب التكيف معها، لشدة تلك
الضغوط، أو لكونها أكبر من أن نتحملها، أو نتيجة لزيادة تكررها، فإن ذلك قد
يؤدي إلى تأزم حالتنا النفسية، وزيادة شعورنا بالضيق والكرب، وعدم القدرة
على تحمل أعباء حياتنا العادية. كما أن شدة الضغوط قد تؤدي إلى الانحراف،
من خلال استعمال العنف مع الآخرين، أو التعدي على ممتلكاتهم، أو اللجوء
لتعاطي المخدرات، ...إلخ.
في حقيقة الأمر إن الضغط النفسي ينقسم إلى قسمين: الضغط النفسي الإيجابي، وهو
عبارة عن الضغوط التي نواجهها لأداء أعمالنا بشكل عام، مثل ضغط
الاختبارات، الذي يولد دافعية للمذاكرة، وضغط العمل الذي يدفعنا للإنجاز،
وضغط مناسبة الزواج التي تدفعنا لحسن الترتيب والتدبير لإخراجها بأحسن حال،
وهكذا. وهذا النوع من الضغوط لايعوق السلوك، بل يعطيه القوة الدافعة
للإنجاز، ويحسن من أدائنا العام، ويساعدنا على زيادة ثقتنا بأنفسنا.
أما الضغط النفسي السلبي، فهو عبارة عن
الضغوط المتزايدة والمتتابعة التي نواجهها في المدرسة، أو العمل، أو
العائلة، أو في علاقاتنا الاجتماعية، أو من خلال وسائل الإعلام، والتي تؤثر
سلباً على حالتنا الجسدية والنفسية، وتؤدي إلى أعراض مرضية مرتبطة بالضغط
النفسي.
من الأمور المهمة التي يجب أن نكون ملمين بها، أنه في حال انخفضت قدرتنا
على مواجهة الضغوط النفسية لأي سبب، أو إذا كنا عاطفيين بشكل واضح في
تعاملنا، فإن ذلك سيجعل من الضغوط النفسية أداة لها تأثير كبير وجلي على
صحتنا. إن من يتعرض لضغوط العمل والإكتئاب، ومن هو سريع الغضب، ومن يقلق
بسهولة، يكون عرضة أكثر من غيره لأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد لحظ
الباحثون أن معدلات الوفيات بين مرضى القلب الذين يعانون في الوقت نفسه من
ضغوط نفسية وعاطفية تزداد بثلاثة أضعاف عن أقرانهم المرضى بالقلب، ممن لا
يعانون من ضغوط نفسية مشابهة.
وفي حال تعرّض المرء لضغوط نفسية عديدة في مدة قصيرة من حياته، مع عدم
القدرة على تخطي أيا منها، فإن احتمال حدوث اضطراباً في وظيفة أي عضو في
جسمنا وخصوصا الأضعف منها أمر وارد بشكل كبير. من ذلك أن الضغط النفسي قد
يؤدي إلى إفراط في إفراز حامض المعدة، مما قد يسبب القرحة أو ثقب في أنسجة
جدار المعدة.
ما الأمراض المرتبطة بالضغط النفسي؟
يترافق الضغط النفسي تقريباً مع أي مرض قد نتعرض له، غير أن الأمراض الأكثر
شيوعاً التي قد تتزامن مع الضغط النفسي وتكون محصلة له، هي أمراض القلب
والشرايين، والسرطان، والسكري، والتهاب المفاصل، وقرحة المعدة، والتهاب
القولون العصبي، والربو، وأوجاع الرأس، وآلام الظهر، والتشنجات العضلية،
وعسر الهضم، والطفح الجلدي، والوهن، والأرق، ومشاكل النشاط الجنسي، وارتفاع
ضغط الدم.
إضافة إلى ذلك فإن عملية الشفاء من الأمراض تتأثر أيضا بالضغط النفسي،
وأسلوبنا في التعامل مع تلك الضغوط. لنأخذ مثلا رجلاً في الأربعين من عمره،
يقوم بعمل يتعرض فيه لضغوط نفسية كثيرة، هذا الرجل قد يصاب بقرحة في معدته
نتيجة ما يتعرض له من ضغوط أثناء تأدية عمله، ولا بدّ أن الطبيب سيوصيه
بأن يعمل على التقليل من ضغوط العمل قدر الإمكان، والخلود لجلسات استرخاء
أثناء أداء عمله، مما قد يحد من إفراز حامض المعدة الذي بدوره يكون مسؤولاً
عن قرحة المعدة التي يشتكي منها. وفي هذه الحال، فإن الرجل إذا استطاع
اتباع تعليمات الطبيب، واستطاع أن يتكيف مع ما يتعرض له من ضغوط من خلال
تغيير طبيعة عمله، والاسترخاء كلما شعر بشدة الضغوط، فإنه بإذن الله سوف
يتعافى.
أما في حال أدت إصابة الرجل بالقرحة إلى زيادة قلقه بسبب تذمره الدائم من
حالته الصحية، واستمراره بأسلوب حياته السابق نفسه بدون محاولة التكيف، أو
بدون البحث عن سبل تخفيف شدة تلك الضغوط، فإن هذا الرجل قد لايتناول دواءه
بشكل منتظم، وقد يصل إلى قناعة عدم فائدة العلاج، مما قد يعجز عن مواجهة
المرض، وتكون الدافعية لديه ضعيفة مما يؤدي إلى تأثير معاكس على عملية
الشفاء.
ما الذي يمكننا فعله لمواجهة الضغوط النفسية؟
أولا- الاستعانة بالله:
بداية هناك الكثير الذي يمكننا فعله لمواجهة الضغوط النفسية بدلاً من
الاستسلام لها، والبكاء على حالنا! وأول ما نستعين به في حياتنا اليومية
كمسلمين، أن نستفيد من نعمة هذا الدين العظيم في مواجهة ما نتعرض له من
ضغوط نفسية، وحسن التعامل معها. ومن ذلك بطبيعة الحال الالتجاء إلى الله،
سبحانه وتعالى في كل كبيرة وصغيرة، والحرص على العمل الصالح الذي يولد
الشعور بالسعادة والراحة والرغبة بما عند الله.
قال تعالى: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" سورة فصلت الآية "33"
وكذلك العمل الصالح مع الذين بينك وبينهم عداوة، والذين بسببهم قد تشعر بكثير من التعب النفسي نتيجة سوء العلاقة.
قال تعالى:"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". سورة فصلت الآية "34"
وأيضا الصبر على ما نُبتلى به في هذه الحياة الدنيا، وتحويل ما نشعر به من ابتلاء إلى حسن الظن بالله وبجزاءه.
قال تعالى:" وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم". سورة فصلت الآية "35"
كما لايخفى علينا أهمية عدم الاستسلام للشيطان ووسوسته، وضرورة الالتجاء لله القوي العزيز.
قال تعالى:" وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم". سورة الأعراف الآية "200"
إذا الحرص على تقوية العلاقة بالله أمر مهم، وذلك لان تقوية العلاقة بالله،
يعطينا الشعور بالقوة والطاقة في مواجهة أصعب الظروف، ويجعلنا مؤمنين
بقضاء الله وقدره، منتظرين رحمة وثوابه.
أما في حال التخبط، وعدم الاتزان في هذه الحياة الدنيا، فإننا بالتأكيد سوف نشعر بالضيق، وعدم السعادة، والكرب.
قال تعالى:"ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى،
قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك
اليوم تنسى." سورة طه الآية "125"
ثانيا- التأسي بالرسول " ":
الله سبحانه وتعالى أرسل لنا محمد بن عبدالله ، هدى ورحمة، وجعل من سيرته
منهجا نتأسى به، ، وحفظ الله تبارك وتعالى تفاصيل دعمته لكي نقتدي به في
جميع أحوالنا وسلوكياتنا.
فهناك الكثير من الأعمال والسلوك الذي حثنا عليه رسولنا الكريم، صلى الله
عليه وسلم لمواجهة ما يعترينا من ضغوط وصعاب في حياتنا. من ذلك مثلا:
موقفه من ابنته فاطمة لما اشتكت حاجتها لخادم تساعدها في أعمال المنزل،
وهي في كنف علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فما كان منه إلا أن وجهها
لأفضل من هذا الطلب مما يساعدها افضل من الخادم، وتكون اكثر راحة وسعادة،
حيث قال لها، ألا أدلك على خير من ذلك، تقولي إذا أويت إلى فراشك، سبحان
الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وهناك أيضا موقفه صلى الله عليه وسلم، مع الشاب الذي أتاه طالبا منه أن
يأذن له بالزنا! وياليت الزنا بابا من أبواب السعادة! لوافقه على طلبه،
لكنه علمه اللطيف الخبير، أن الحرام لايولد إلا التعاسة، والضيق في الصدر،
والحزن الشديد، فما كان منه ، إلا أن دله على طريق السعادة، وحسن التعامل
مع الآخرين من خلال مخاطبته ومحاورته بالمنطق السليم الذي لايقبل الإساءة
للآخرين ولا التعدي على حقوقهم وعوراتهم! وهنا اقتنع الشاب بعدم صواب ما
كان يرغب به، وطلب الشاب من معلم البشرية ، وهنا نلاحظ قمة الاقتداء
والتأسي من الشاب بمعلمه وحبيبه، حيث خرج الشاب وهو حريص على الاهتداء بهدي
محمد بن عبدالله ، بأن لايعود لمثل هذا أبدا.
بطبيعة الحال هناك الكثير والكثير من هديه، صلى الله عليه وسلم، في مواجهة ما قد نتعرض له من ضغوط في حياتنا اليومية.
ثالثا- الحرص على تغيير نمط حياتنا:
قد يكون من المفيد في مواجهة الضغوط النفسية، الحرص على تغيير أسلوب حياتنا
اليومية بين مدة وأخرى، وذلك لكسر الرتابة، والجمود، في طريقة تعاملنا مع
الأمور محاولةً لتخطي تلك الضغوط، على سبيل المثال:
قد نلجأ إلى ممارسة الرياضة كنشاط لم نكن نستخدمه لتغيير رتابة الحياة،
أو لمواجهة الضغوط نتيجة لزيادة مطالب أفراد الأسرة، أو حتى ضغط العمل.
وقد نعمد إلى إعادة ترتيب بعض أثاث المنزل مثلا وإدخال بعض التحسينات
عليه، بإضافة نباتات داخلية، أو تغيير اللون الداخلي لبعض الغرف، أو غير
ذلك محاولة لتغيير الجمود في تعاملنا اليومي.
أيضا قد يكون من المفيد الانخراط في العمل التطوعي لمساعدة الآخرين، مثل
التطوع في العمل مع الجمعيات الخيرية، أو جمعيات النفع العام، وهذا يعد
مجال رحب ومفيد، لشغل وقت الفراغ، والإحساس بالأهمية الشخصية، لاكتساب
الثقة، والسعادة في التعامل مع الآخرين.
رابعا- حسن التعامل مع المشاكل المفاجأة:
هناك بعض الضغوط التي تواجهنا بشكل مفاجئ، ويكون من الصعب علينا تجنبها،
كموت شخص عزيز، أو الإصابة بمرض، أو خسارة تجارية، أو فشل في الحياة
الزوجية، أو رسوب بأحد المواد الدراسية، وغيرها من أمور، هنا يكون من
المفيد والواجب علينا أن نستعين بالله، سبحانه وتعالى، لتخفيف المعاناة،
وأن نحاول الاستبصار بطبيعة المشكلة لكي نعيها جيدا، وأن نحاول الاستفادة
من الآخرين من أفراد أسرتنا أو أصدقاءنا لمواجهة الأمر، وهذا سوف يكون له
أثر كبير في تخفيف المعاناة، والشعور بالمواساة.
خامسا- التعامل الحذر مع الظروف الصعبة:
العمل على التعامل الحذر مع الظروف التي قد تسبب ضغوطا نفسية، ومحاولة تجنب
تلك الظروف أو التقليل من أثرها. ويعد أسلوب الاسترخاء، ومحاولة تذكر
اللحظات السعيدة، والبعد عن كل ما من شأنه تكدير خواطرنا، أسلوباً ناجحاً
للتقليل من أثر الضغوط النفسية، وإكساب النفس شحنة إيجابية تساعدنا على
تخطي الكثير مما يعكر صفو حياتنا.
سادسا- التحدث مع من تحب وتثق به:
من الأمور المهمة والمساعدة على تخفيف أثر الضغوط النفسية، إتباع أسلوب
التحدث مع الآخرين الذين تربطنا بهم علاقات طيبة وحميمة كأسلوب جيد لتبادل
وجهات النظر، والاستفادة من تجاربهم. في واقع الأمر، غالبا ما يكون هناك
أمور مشتركة بين بعضنا البعض، وهذه الأمور المشتركة تساعدنا كثيرا على
معرفة أننا لسنا وحدنا الذين نواجه هذه الضغوط. فما يواجهه الطالب في
المرحلة الثانوية مثلا من ضغوط الحصول على معدل يؤهله لتكملة مشواره
الأكاديمي، هناك آلاف الطلاب الذين يواجهون الأمر نفسه، ومن المفيد حقا أن
يكون هناك فرصة للتحاور مع أحد الطلاب الآخرين الذين يمرون بالضغوط نفسها
كمحاولة للتفكير في كيفية التغلب على هذه الضغوط، أو الاستفادة من أساليب
معينة جربت وثبت نجاحها. وهذا الأمر ينطبق على المرأة التي تعاني من ضغوط
العمل، والعناية بالمنزل، وفي كيفية المحافظة على العلاقات الاجتماعية،
بحاجة إلى من تتكلم معها، وتشاركها أفكارها، وخبراتها، للوصول لأفضل الطرق
في التعامل مع هذه الضغوط، والقدرة على تخطيها بدون أضرار. والأمر ليس
بعيدا عن المسؤول الذي أثقلت كاهله كثرة المسؤوليات، وقلة الأوقات، بحاجة
أيضا إلى من يشاطره تجاربه، ووسائله التي اتبعها للتقليل من تلك الضغوط،
وكيفية التكيف معها.
سابعا- الاستعانة بالمتخصصين بالقضايا النفسية:
عرض ما نشعر به من ضيق، وقلق، واكتئاب، على أحد المتخصصين الملمين بالقضايا
النفسية، للمساعدة في كيفية التخلص من هذه الضغوط النفسية، من خلال معرفة
أساليب التعامل مع تلك الضغوط، و من خلال بناء طرق العلاج المناسبة المبنية
على الاستفادة من الخبرات الطويلة في التعامل مع تلك المشكلات النفسية
الناتجة من الضغوط النفسية.
الخاتمة
في آخر المطاف، إن الحديث عن الضغوط النفسية وعلاقتها بالصحة، يعد ضغطا
مررت به أثناء كتابتي لهذا الموضوع! وقد كان من المفيد حقا أن أواجه ضغط
الكتابة عن هذا الموضوع، باستشعار أهمية الهدف الذي وددت الوصول له من خلال
توفير مادة علمية بسيطة لكل فرد في المجتمع، لعله يستفيد من هذه
المعلومات، وتكون عونا له على حسن التعامل مع الضغوط أيا كانت. أيضا كان من
المفيد لإنجاز هذا العمل، أن اُبقي ضغط الكتابة، وإيجاد وقت لإنجاز العمل
تحت السيطرة، وأن أكيف ضغط الكتابة إلى الحرص على الإنجاز، وأجعله دافعا لي
للكتابة بدل أن يكون مثبطا، أو مانعا لي من إنجاز العمل.
وأسال الله العلّي القدير، أن ينفع بهذا العمل الجميع، وأن يكون عملي هذا خالصا لوجهه الكريم