كأي شاب في مثل عمره الذي اقترب من الثلاثين كان يحلم بأن يكمل نصف دينه بالارتباط
والزواج من فتاة أحلامه وتكوين الأسرة والاستقرار فى حياته، هذا الشاب هو صديقي حازم
، وهو شخص وسيم ، أنيق في ملبسه ، ينتمى إلى الطبقة المتوسطة ، لديه قدر لا بأس به
من الثقافة ويهوي القراءة فى مجال الأدب ومجـالات أخرى ويعمل محاسب بإحدى الشركات،
وهو من سكان مدينة نصر، ينزل من البيت يومياً فى السابعة والنصف حتى يلحق بعمله
الذي يبدأ فى الثامنة صباحا، وفى هذا اليوم تحديداً كان متفائلاً بشكل غير عادى ولا يعرف سبباً لذلك.
أما سارة شخصية رومانسية ذات وجه طفولي، خلوقة ويتميز ملبسها بالعصرية مع
الالتزام بعدم تجاوز حدود الأدب والاحتشام، وأهم ما يميزها كما نقـول نحن المـصـريين
أنها ( ليها طلة حلوة ) أي أنها عندما تدخل إلي المكان تشعر وكأن شيئاً مريحاً أطل
علي ذلك المكان أي أن الاسم علي مسمي، وكأي بنت أيضاً بمثل عمرها فهي
تحلم بفارس الأحلام الذي سيأتي بحصانه الأبيض ليخطفها وينطلق بها إلى سماء
السعادة والحب وليس لديها المانع فى أن تربيه مع أولادها، وهي من سكان منيل الروضة.
كانت الساعة تدق التاسعة صباحاً حينما دخلت سارة إلى المكتب الذى يعمل به حازم حيث كان
منهمكاً فى العمل فألقت بالتحية ولكنه لم يرد وفهمت سارة السبب ،ولأنه كان منهمكاً ويتحدث
مع نفسه بشكل يبعث على الضحك كررت سارة التحية ولكنها هذه المرة غلفت تحيتها بابتسامة
رقيقة، انتبه هذه المرة ورد التحية وبمجرد أن نظر إليها ظل ساكناَ لفترة وكأن على رأسه الطير
ولكنه تدارك الأمر وقال لها: تحت أمر حضرتك؟ أظهرت خطاب التوظيف بنفس الشركة التي يعمل
بها وسألته إلي أين تتجه أولاً ؟ أخذ الخطاب من يدها وألقى عليه نظرة سريعة ثم أرشدها بأن
تذهب وتتسلم عملها بقسم التصميم بالمكتب المجاور له، تناولت منه الخطاب وشكرته
وانصرفت، شعر حازم ساعتها بنشوة لم يعرفها من قبل ولكنه عاد سريعاً للعمل – المذكور
لم تمهله سهام كيوبيد وأصابته النظرة الأولي في مقتل ولكنه لم يدرك ذلك في وقتها – في
الأيام الأولى لم يكن يجمع بينهما سوي السلام عليكم وصباح الخير، وبعدها تطور الأمر إلى
السؤال عن الأخبار في العمل؟ لا أكثر... لا أقل ، حتى هنا والأمور تبدو عادية ولكن غير العادى
هو أنه مع مرور الأيام بدأ حازم يشعر ببوادر أزمة رومانسية قلبية أصابته دون أن يدري
هو نفسه بتطورها واستفحالها.
اكتشف أنه عندما تظهر سارة أمامه يصاب بشيئ من الارتياح ثم بالتدريج تحول هذا الارتياح
إلي نشوة تأخذه إلي مشـاعر رقيقة أو ( حاجات حلوة ) حسب تعبيره وبالرغم من أنه يتصف
بالرومانسية إلا أن رومانسيته هذه لم تأخذ منه الواقعية فى التعامل مع ظروف الحياة ،لذا
فقد فكر بسرعة كيف يمكن له أن يتواصل مع سارة وبدأ ينتهز فرص الحوار القليلة جداً معها
ويطرح موضوعات عامة للمناقشة ويشجعها على التحدث عن نفسها ليتضح له أكثر معالم
شخصيتها، وبعد قرابة الشهرين توسم فيها أن تكون هي فتاة الأحلام التي طالما تمناها لنفسه
وقد كان من الطبيعي أن يظل يفكر بها معظم الوقت، ولم يرد حازم الانتظار كثيراً وأراد
أن يفاتحها في ما يفكر ليتعرفا أكثر إلي بعضهما البعض تمهيداً للارتباط في حال القبول.
وقبل أن يفعل أي شيء سأل عنها بعض من يعرفوها عن قرب فشكروا له فيها وفي أخلاقها
وطيبتها و....و.... إلخ ،حتي أن زميلة لهم بنفس الشركة قالت له بعد ذلك أنها كانت ستشير
عليه بأن يتقدم للارتباط بسارة لأنهما كما تقول ( ولاد حلال وشكلهم لايقين علي بعض ) ولجأ
أخيراً إلى المهندسة إلهام التى تعمل معهم بنفس الشركة والتى كان يعتبرها بمثابة الأخت
الكبيرة له ويثق برأيها، شرح لها حازم ما ينوى عمله ولكنه لا يعرف كيف يفعل فسألها كيف
له أن يفاتحها فى الأمر؟ نظراً لعدم خبرته في تلك الموضوعات فأشارت عليه بأن يطلب منها
اللقاء بعد انتهاء ميعاد العمل ويحدثها فى الأمر ولكنه لم يوافق على هذا الرأي فقد توقع أنها
سترفض ويتعرض هو للإحراج بدون داعى فسكتت قليلاً وقالت: ما رأيك فى أن تبعث لها برسالة
عن طريق بريدك الإلكتروني نظراً لأن كلامك المباشر معها قد يعرضها فعلاً للإحراج والخجل لأنكم
في مكان عمل واحد والموضوع حساس وقد يكون فى حياتها شخص آخر إلي آخر الأسباب التي
مؤداها أن الرسالة هي أحسن الطرق في ظل الظروف الحالية ، اقتنع حازم فوراً بهذا الرأي
وبعد أن صلى الاستخارة أرسل لها رسالة مجنونة أو جريئة جـداً جداً... لكنها تعبر بصدق عما
بداخله، وجاء فيها: .... الرسالة هي موضوع الحلقة الثانية ان شاء الله.
[center][b]