شمسٌ أشرقت في سماء الإنسانيَّة، وقد عزَّ أن تطلع في سمائها مثلها، ونورٌ سطع في ربوع الدنيا فأنار في جنباتها، ومثلٌ أعلى في كل مناحي الحياة، وخاصَّة الإنسانيَّة والاجتماعيَّة، على أعظم ما يكون من الوضوح والكمال والاقتداء، وقَبْلَ ذلك فهو رسولٌ أيَّده الله وعصمه بوحي من عنده وتوفيقٍ من لدنه!
وسيرته
r تحمل نماذج متعدِّدة؛ فهو كَفَرْدٍ: ملتزمٌ في سلوكه، مستقيمٌ في أخلاقه، صادق وأمين مشتهر بذلك بين قومه، وهو كرئيس دولة: حاذق حكيم وعادل رحيم، وهو كقائد: سياسي ماهر وحربي محنَّك، وهو كزوج: مثالي ناجح في بيته ومع زوجاته، وهو كأب: حنون رحيم مع أولاده، وهو كداعية: قمَّةٌ في الدعوة إلى الله، باذلٌ غاية جهده ومنتهى طاقته في سبيل إبلاغ رسالته ومهمَّته، وهو كمسلم: راهب بالليل فارس بالنهار، حُلو المعاشرة لطيف الفكاهة سهل الطبع، وفضلاً عن ذلك فسيرته
r مثال واضح ونموذج عملي واقعي في طريق بناء الأمم والمجتمعات، صغرت في ذلك أم كبُرت!
فقد استطاع رسول الله
r بالمنهج الرباني الذي أُوحي إليه أن يبني أُمَّة من لا شيء، وأن يجمع العرب والعجم على دين واحد، ومبدأ واحد، وأن يُقِيم حضارة استحال على الزمان أن يَجُودَ بمثلها، لقد كان تغييرًا هائلاً ذلك الذي أحدثه
r في الدنيا يوم بُعث فيها، ولا شكَّ أن دراسة تجربته ليست فقط أمرًا مفضَّلاً أو محبَّبًا، ولكنها أمر واجب على كل مسلم أراد النجاة في الدنيا والآخرة، وأراد لأُمَّته العزَّة والكرامة والسيادة والريادة.