بسم الله الرحمن الرحيم
يختلف الاستيطان عن الاستعمار، بأن المستعمر لا يكتفي بالاستيلاء على الأرض واخضاع أهلها لحكمه، ولكنه – حيث يصبح مستوطناً- يستدعي مواطنيه من الخارج البلد ليحلّوا مكان السكان الأصليين. ولعل ابرز من قام بالاستيطان عبر التاريخ الحديث: الولايات المتحدة الأميركية عندما أبادت الهنود الحمر، سكان البلاد الأصليين، وأسكنت الأوروبيين وعائلاتهم مكانهم، ثم الكيان الصهيوني الغاصب، الذي عملت منذ العام 1948 م. وحتى اليوم على احتلال الأراضي الفلسطينية وتجميع يهود العالم فيها، تحقيقاً للأسطورة اليهودية، التي تدَّعي بأن ارض فلسطين هي ارض الميعاد، وان القدس هي عاصمتها .
من هنا فإن ما شهدته وتشهده الأراضي الفلسطينة المحتلة من حروب متكررة وإبادة جماعية لشعبها ، وبناء للمستوطنات اليهودية ، وحفر للأنفاق تحت المسجد الأقصى ، ما هو إلا تنفيذ للمخطط الصهيوني الذي عبر عنه مؤسس الحركة الصهيونية "تيودور هرتزل" في مذكراته بقوله: "اريد أن اطرد الباعة والقذارة التي تدنس القدس.. محترماً كل حجر فيها" .
إن السعي الشرس من قبل الحكومات الصهيونية المتتالية من أجل الاستيلاء على القدس والمسجد الأقصى، استوجب اعتماد أساليب عدة، منها :
1- السعي بخطى ثابتة نحو هدم المسجد الأقصى المبارك بشتى الطرق، ومنها إحراقه عمدا في العام 1969م. على يد يهودي متطرف اسمه "مايكل دينس روهن". ومنها أيضاً حفر الأنفاق تحت المسجد حتى تتزعزع أساساته، ويسقط بنفسه، أو بفعل عوامل طبيعية كالهزات الأرضية، مما يسهل الطريق أمام إعادة بناء هيكل سليمان الذين يزعمون أن آثاره موجودة تحت المسجد الأقصى . ومن ذلك أخيراً تطويق الأقصى بالكُنُس اليهودية، حيث تم حتى الآن بناء 50 كنيساً يهودياً كما صرحت بذلك "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث".
2- تهجير الفلسطينيي من مدينة القدس ، وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم، وهذا يحدث بطريقين: الأول التشديد والتضييق على المقدسيين، حتى يبادروا إلى ترك المدينة من تلقاء أنفسهم. هذا الواقع أكده التقرير الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي أشار إلى أنه على الرغم من وجود فلسطينيين فى القدس الشرقية بنسبة 34 % فإنه يخصص للبلدية ميزانية بنسبة تتراوح بين 5 و10 % الأمر الذي يتسبب للسكان بمعاناة، من رداءة الخدمات والبنى التحتية الضعيفة . من أجل دفعهم لليأس ، ومن ثم مغادرة المدينة. أما الطريق الثاني فيأتي عبر مصادرة المساكن وإخراج أهلها بالقوة ، وإسكان اليهود مكانهم. كما يتم ذلم من خلال هدم المنازل على رؤوس ساكنيها. من اجل بناء المستوطنات مكانها .
3- عدم الاكتراث بالمواقف الدولية الرافضة لسياسة الاستيطان، ومن هذه المواقف، موقف الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر ان ما تفعله اسرائيل هو أمر مناف للقوانين الدولية، ويتضمن انتهاكاً للشرعية الدولية، وموقف فرنسا والمانيا وروسيا التي قال رئيس وزراء خارجيتها: " البناء يجب ان يتوقف فورا، وفق خارطة الطريق". واخيرا موقف الولايات المتحدة الأميركية التي دعت الدولة الصهيونية إلى تجميد الاستيطان في هذه المرحلة.
إن هذه المواقف مجتمعة لم تمنع العدو الصهيوني من متباعة مخططاته، حيث بني في حي جبل أبو غنيم في القدس آلاف الوحدات السكنية، التي واجه بها كل العالم وفقاً لما صرح له بنيامين نتنياهو.
وإذا أردنا ان نبحث عن أسباب التوسع في بناء المستوطنات في فلسطين المحتلة، والذي بلغ اجمالي عددها 470 ألف مستوطنة منها 190 ألف مستوطنة فى القدس الشرقية وحدها سنرى أنه جاء نتيجة عوامل عديدة، منها :
1- تذبذب المواقف الدولية تجاه هذا الاستيطان. وتشجيعه له إما علناً في بعض المواقف، وإما سراً في أحيان اخرى. ونلاحظ أن ابرز دولة داعمة لعمليات الاستيطان في فلسطين هي الولايات المتحدة الأميركية، والتي على رغم طلبها من الحكومة الصهيونية تجميد الاستيطان في القدس، إلا أنها تقوم بتقديم تسهيلات لوصول الدعم المالي لها عن طريق بعض الأشخاص والجمعيات الذين يقدمون الأموال الطائلة من اجل شراء الأراضي وبناء البيوت. وقد بلغ عدد هذه الجميعات وفق التقرير الذي أعده مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية 1000 جمعية تمول بناء المستوطنات في القدس الشرقية .
2- حالة العجز المسيطرة على الدول العربية حكاما وشعوبا، وهذا سببه اتفاقيات السلام التي وقعتها بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني المحتل، أو عجز البعض الآخر عن مواجهة هذا الكيان المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية. أما بالنسبة للشعوب الإسلامية، فإ ضعفهم عن تقديم الدعم المطلوب منهم يكمن عند البعض منهم فيما يتعرضون له من سياسة القمع الموجهة ضدهم من قبل حُكّامهم. ويكمن عند آخرين في جهل فريق كبير منهم بالمكانة العظيمة والمباركة التي تمثلها فلسطين و المسجد الأقصى في الاسلام. والتي تؤكد عليها سورة الاسراء، حيث يقول تعالى : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الأقصى الذي باركنا حوله لنريَه من آياتنا إنه هو السميع البصير) ، الاسراء، 1. فقول الله تعالى (الذي باركنا حوله) دليل واضح على القدسية التي منحها الله عز وجل للمسجد الأقصى . وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على اهمية هذا المسجد عندما جعله ضمن ثلاثة مساجد تُشد إليها الرحال. فقال عليه الصلاة والسلام : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) رواه البخاري .
3- الواقع الفلسطيني السياسي الداخلي ، وتخبط رجال الحكم بين من يؤيد ما يسمى بعملية السلام مع "اسرائيل" ويطبّع معها. وبين من يصر على منهج المقاومة حتى تحرير الأراضي الفلسطينية كاملة من العدو الصهيوني . وقد انعكست هذه التناقضات على وحدة الفلسطينيين الداخلية وأدت إلى تشتيت الجهود وضياع الاتجاه وإضعاف المواجهة .
اخيرا، إن عرض واقع الاستيطان في القدس لا يعني بحال من الأحوال التسليم لهذا الواقع المر، والاكتفاء بالدعاء على العدو الغاصب. بل إن هذا الواقع يتطلب إضافة إلى المقاومة الداخلية الباسلة للشعب الفلسطيني، تكاتف وتعاون المسلمين فيما بينهم، ونبذ خلافاتهم الداخلية والخارجية ، والعمل معا أفراداً وجماعات ومؤسسات من أجل نصرة القدس وفلسطين وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الذي شرفه الله عز وجل بالدفاع عن المسجد الأقصى المبارك. وهو لا ينتظر مقابل ذلك إلا الشهادة التي وعده اياها الله عز وجل بقوله : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ما بدلوا تبديلا) الأحزاب، 23.
يختلف الاستيطان عن الاستعمار، بأن المستعمر لا يكتفي بالاستيلاء على الأرض واخضاع أهلها لحكمه، ولكنه – حيث يصبح مستوطناً- يستدعي مواطنيه من الخارج البلد ليحلّوا مكان السكان الأصليين. ولعل ابرز من قام بالاستيطان عبر التاريخ الحديث: الولايات المتحدة الأميركية عندما أبادت الهنود الحمر، سكان البلاد الأصليين، وأسكنت الأوروبيين وعائلاتهم مكانهم، ثم الكيان الصهيوني الغاصب، الذي عملت منذ العام 1948 م. وحتى اليوم على احتلال الأراضي الفلسطينية وتجميع يهود العالم فيها، تحقيقاً للأسطورة اليهودية، التي تدَّعي بأن ارض فلسطين هي ارض الميعاد، وان القدس هي عاصمتها .
من هنا فإن ما شهدته وتشهده الأراضي الفلسطينة المحتلة من حروب متكررة وإبادة جماعية لشعبها ، وبناء للمستوطنات اليهودية ، وحفر للأنفاق تحت المسجد الأقصى ، ما هو إلا تنفيذ للمخطط الصهيوني الذي عبر عنه مؤسس الحركة الصهيونية "تيودور هرتزل" في مذكراته بقوله: "اريد أن اطرد الباعة والقذارة التي تدنس القدس.. محترماً كل حجر فيها" .
إن السعي الشرس من قبل الحكومات الصهيونية المتتالية من أجل الاستيلاء على القدس والمسجد الأقصى، استوجب اعتماد أساليب عدة، منها :
1- السعي بخطى ثابتة نحو هدم المسجد الأقصى المبارك بشتى الطرق، ومنها إحراقه عمدا في العام 1969م. على يد يهودي متطرف اسمه "مايكل دينس روهن". ومنها أيضاً حفر الأنفاق تحت المسجد حتى تتزعزع أساساته، ويسقط بنفسه، أو بفعل عوامل طبيعية كالهزات الأرضية، مما يسهل الطريق أمام إعادة بناء هيكل سليمان الذين يزعمون أن آثاره موجودة تحت المسجد الأقصى . ومن ذلك أخيراً تطويق الأقصى بالكُنُس اليهودية، حيث تم حتى الآن بناء 50 كنيساً يهودياً كما صرحت بذلك "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث".
2- تهجير الفلسطينيي من مدينة القدس ، وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم، وهذا يحدث بطريقين: الأول التشديد والتضييق على المقدسيين، حتى يبادروا إلى ترك المدينة من تلقاء أنفسهم. هذا الواقع أكده التقرير الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي أشار إلى أنه على الرغم من وجود فلسطينيين فى القدس الشرقية بنسبة 34 % فإنه يخصص للبلدية ميزانية بنسبة تتراوح بين 5 و10 % الأمر الذي يتسبب للسكان بمعاناة، من رداءة الخدمات والبنى التحتية الضعيفة . من أجل دفعهم لليأس ، ومن ثم مغادرة المدينة. أما الطريق الثاني فيأتي عبر مصادرة المساكن وإخراج أهلها بالقوة ، وإسكان اليهود مكانهم. كما يتم ذلم من خلال هدم المنازل على رؤوس ساكنيها. من اجل بناء المستوطنات مكانها .
3- عدم الاكتراث بالمواقف الدولية الرافضة لسياسة الاستيطان، ومن هذه المواقف، موقف الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر ان ما تفعله اسرائيل هو أمر مناف للقوانين الدولية، ويتضمن انتهاكاً للشرعية الدولية، وموقف فرنسا والمانيا وروسيا التي قال رئيس وزراء خارجيتها: " البناء يجب ان يتوقف فورا، وفق خارطة الطريق". واخيرا موقف الولايات المتحدة الأميركية التي دعت الدولة الصهيونية إلى تجميد الاستيطان في هذه المرحلة.
إن هذه المواقف مجتمعة لم تمنع العدو الصهيوني من متباعة مخططاته، حيث بني في حي جبل أبو غنيم في القدس آلاف الوحدات السكنية، التي واجه بها كل العالم وفقاً لما صرح له بنيامين نتنياهو.
وإذا أردنا ان نبحث عن أسباب التوسع في بناء المستوطنات في فلسطين المحتلة، والذي بلغ اجمالي عددها 470 ألف مستوطنة منها 190 ألف مستوطنة فى القدس الشرقية وحدها سنرى أنه جاء نتيجة عوامل عديدة، منها :
1- تذبذب المواقف الدولية تجاه هذا الاستيطان. وتشجيعه له إما علناً في بعض المواقف، وإما سراً في أحيان اخرى. ونلاحظ أن ابرز دولة داعمة لعمليات الاستيطان في فلسطين هي الولايات المتحدة الأميركية، والتي على رغم طلبها من الحكومة الصهيونية تجميد الاستيطان في القدس، إلا أنها تقوم بتقديم تسهيلات لوصول الدعم المالي لها عن طريق بعض الأشخاص والجمعيات الذين يقدمون الأموال الطائلة من اجل شراء الأراضي وبناء البيوت. وقد بلغ عدد هذه الجميعات وفق التقرير الذي أعده مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية 1000 جمعية تمول بناء المستوطنات في القدس الشرقية .
2- حالة العجز المسيطرة على الدول العربية حكاما وشعوبا، وهذا سببه اتفاقيات السلام التي وقعتها بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني المحتل، أو عجز البعض الآخر عن مواجهة هذا الكيان المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية. أما بالنسبة للشعوب الإسلامية، فإ ضعفهم عن تقديم الدعم المطلوب منهم يكمن عند البعض منهم فيما يتعرضون له من سياسة القمع الموجهة ضدهم من قبل حُكّامهم. ويكمن عند آخرين في جهل فريق كبير منهم بالمكانة العظيمة والمباركة التي تمثلها فلسطين و المسجد الأقصى في الاسلام. والتي تؤكد عليها سورة الاسراء، حيث يقول تعالى : (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الأقصى الذي باركنا حوله لنريَه من آياتنا إنه هو السميع البصير) ، الاسراء، 1. فقول الله تعالى (الذي باركنا حوله) دليل واضح على القدسية التي منحها الله عز وجل للمسجد الأقصى . وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على اهمية هذا المسجد عندما جعله ضمن ثلاثة مساجد تُشد إليها الرحال. فقال عليه الصلاة والسلام : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) رواه البخاري .
3- الواقع الفلسطيني السياسي الداخلي ، وتخبط رجال الحكم بين من يؤيد ما يسمى بعملية السلام مع "اسرائيل" ويطبّع معها. وبين من يصر على منهج المقاومة حتى تحرير الأراضي الفلسطينية كاملة من العدو الصهيوني . وقد انعكست هذه التناقضات على وحدة الفلسطينيين الداخلية وأدت إلى تشتيت الجهود وضياع الاتجاه وإضعاف المواجهة .
اخيرا، إن عرض واقع الاستيطان في القدس لا يعني بحال من الأحوال التسليم لهذا الواقع المر، والاكتفاء بالدعاء على العدو الغاصب. بل إن هذا الواقع يتطلب إضافة إلى المقاومة الداخلية الباسلة للشعب الفلسطيني، تكاتف وتعاون المسلمين فيما بينهم، ونبذ خلافاتهم الداخلية والخارجية ، والعمل معا أفراداً وجماعات ومؤسسات من أجل نصرة القدس وفلسطين وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الذي شرفه الله عز وجل بالدفاع عن المسجد الأقصى المبارك. وهو لا ينتظر مقابل ذلك إلا الشهادة التي وعده اياها الله عز وجل بقوله : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ما بدلوا تبديلا) الأحزاب، 23.