أهداف هذا البحث
هو إبراز دور الأخلاق الكريمة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية. وتجسيد الوحدة الإسلامية التي أمر الله جل وتعالى بها المؤمنين في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا) وقال تعالى : (إنما المؤمنون إخوة).
هذه الآيات البينات تحمل أمرا إلهيا بالوحدة وعدم التفريط بها وقال الرسول الأعظم سيدنا وقدوتنا معلنا سر بعثته ( إنما بعثت لأ تمم مكارم الأخلاق )
الإسلام دين ارتضاه الله، فهو دين تكافل وتعاون، دين إخوة وتضامن، دين عز وسعادة، دين يصلح لكل زمان ومكان وأمة، وفي كل يوم يثبت هذا الدين القيم قدرته على اصلاح العالم واحلال السلام والوئام بين بني البشر. ولا صلاح ولا أمان للعالم إلا به ، فيه النفع للفرد والمجتمع والدولة لأنه لم يترك فضيلة إلا حث على اتباعها ولا رذيلة إلا أمر باجتنابها.
لقد صاغ هذا الدين المسلمين جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغتهم وعاداتهم وتباعد أمصارهم في قالب واحد وألف بين قلوبهم وجعلهم أمة واحدة، راقية في أفكارها سليمة في عقيد تها متحدة الكلمة ملتئمة الصفوف متعاونة متضامنة : كلمتها لا اله الا الله محمد رسول الله (ص) كتابها القرآن الكريم، نبيها خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (ص)، رسالتها خاتم الرسالات الالهية، قبلتها الكعبة المشرفة ، تحيتها وشعارها السلام وخلقها القرآ ن.
فكانوا أمة شديدة البأس عظيمة القوة مسموعة الكلمة واسعة السلطان، قلمهم يكتب ويطاع، وحسامهم ينفض ويهاب، ورايتهم تحلق عالية فوق ربا الكون، فتجري تحتها العدل والمساواة والسلام. وبنوا بفضل تمسكهم بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى (ص)، وتماسكهم واخلاصهم وحسن خلقهم مجدا وسيادة وحضارة ذات أخلاق كريمة، وكانوا خير أمة أخرجت للناس. يصفهم القرآن الكريم ويقول: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفاررحماء بينهم) صدق الله العظيم .
قد يتساءل المرء عن سر هذه العظمة ومصدرها، ولن يطول التفكير لمن يبحث عنه ليجد الجواب : إنها الأخلاق الإسلامية الكريمة المقرونة بالإيمان الصادق وخشية الله وافراده بالعبودية، إنها الأخلاق الإسلامية بكل معانيها وصورها , ومصدرالعظمة هو التزامهم بتعاليم الإسلام الذي جاء به القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين محمد (ص).
القسم الأول
الأخلاق في الإسلام
يحض الإسلام على التحلي بالأخلاق الكريمة التي تهذب النفس، وتجعلها نقية زكية؛ وتوصلها إلى درجة الكمال وترفع مستوى عقيدة الإنسان وعبوديته لله الواحد القهار إلى أعلى مرتبة؛ وهي مرتبة الصالحين والصديقين والشهداء. ويحارب هذا الدين الحنيف الأخلاق الفاسدة التي تؤدي إلى الضياع والهلاك وفقدان الذات , وتدفعه إلى الدرك الأسفل من النار .
إن من مزايا حسن الخلق هو تأثيره القاطع والطيب في إيجاد التوفيق والفلاح للإفراد والمجتمع في الحياة . إذ أن أي شخص يتحلى بالأخلاق الكريمة يكون محبوبا لدى الإفراد والمجتمع فالناس في طبيعتهم الفطرية يميلون نحو الشخص الذي يتمتع بالأخلاق الحميدة، ولا يتحملون سوء الخلق مهما كانت مكانته . أما سوء الخلق فهو من العيب أوالمرض العضال الذي لاشفاء له وهو يسبب البغض والكراهية والنفور ويجر صاحبه إلى انقطاع المودة بينه وبين مجتمعه ، فإن الشخص سيّئ الخلق الفظ الغليظ القلب الذي لا يألف ولا يُؤلف، يجد بين نفسه والآخرين متاعب كثيرة، ولا يمكنه أن يرى فضائل المودة والرحمة والتعاون لأنه جلب على القساوة معاملة الناس بالسوء , كما يحطم صاحب سوء الخلق من قيمة العيش حتى في نطاق أسرته .
فاالصدق والأمانة والعدالة والوفاء بالعهد من الصفات الحميدة التي أوجبها الله، وكذلك المواساة والتراحم والسخاء وسعة الصدر والتعاون والتسامح والأخوة الصادقة ينظر اليها الإسلام نظرة تقدير وإجلال، كما ينظر إلى الصبر والإنابة والثبات والحلم وعلو الهمة والبسالة نظرة تعظيم واستحسان. ويعد ضبط النفس والعفو، وتجنب الرذائل من مكارم الأخلاق التي يستحسنها الإسلام ويحض على التحلي بها .
وأما اتباع الهوى والنذالة وقلة الأدب مع الله والناس وسوء الخلق وقساوة القلب والبخل وضيق الصدر والكذب والخداع والحسد والرياء والغيبة والنميمة والجبن فقد نهى الله عنها فليس لها مكان فى الإسلام .
المصدر الرئيسي للأخلاق الكريمة
المصدر الرئيسي الذي يحوي أسس ومبادئ الأخلاق الكريمة ويأمر بالتحلي بها هو القرآن الكريم، فيه منهج قويم وتوجيهات إلهية لبناء البشرية عامة أفراد وأسرة ومجتمعا ودولة نحو الصلاح والكمال ويبين الله سبحانه وتعالى في عدة آيات بينات مزايا الأخلاق الكريمة ووجوب التحلي بها ويحذر من الخلق الكريه، ويبين سوء عاقبتها كما أن الأحاديث النبوية وسيرة النبي العاطرة هي الأخرى بستان حافل بكل ما ينفع الناس في الحياة الدنيا والآخرة، فيها الإرشادات والتوجيهات التي توجه البشرية نحو الخير والفلاح .
لقد تضمن الاسلام شرائع عديدة في العقيدة والعبادات وسلوك الفرد والجماعات كلها تهدف فيما تهدف إليه، تربية النفس الإنسانية تربية سوية قوامها عبادة الله وحده، والتحلي بالأخلاق الحميدة التي تجعل الإنسان مثلا حيا للعبد الصالح المستقيم على أمر ربه متعاونا ومتحابا مع بني إخوانه في الله أولا وقبل كل شيء والعيش في وئام وسلام مع بني جنسه .
ولقد دعا القرآن الكريم إلى توحيد الله وعدم الشرك به والإخلاص في عبادته والخوف من سوء العاقبة، وعدم ارتكاب المعاصي وخشيته، وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وهذا هو الأدب المطلوب مع الله الواحد القهار عالم الأسرار . أما الكفر والعصيان والفسوق واتباع الهوى فهو من سوء الخلق . والإسلام إذ يثبت العقيدة في قلب الإنسان ويدعو إلى حسن الخلق يضع في نفس الإنسان حارسا خلقيا يدفعه إلى التأدب مع الله أولا واطاعته، والإئتمار بأوامر الله وتجنب المعاصي، يقول الحق تبارك وتعالى : (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) . وفي آية أخرى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) .
مدرسة الرسول الأعظم (ص)
مدرسة الرسول (ص) التي ينبوعها من المنابع العالية؛ الوحي والإلهام الالهي التي تستند الى التوجيهات الالهية، قدمت للبشرية أسمى وأفضل منهج متكامل للتكامل الإنساني وتهذيب النفس واصلاحها، تدعو الإنسان إلى أن يتجه بروحه إلى الكمال إلى المراتب العالية والى التحلي بالأخلاق الكريمة التي ترفع من مرتبته وتجعله انسانا متكاملا:
1ـ أن أسس الدين الخالد الذي من ينبوعه أسست مبادئ الأخلاق الكريمة الفاضلة على يد أكبر وأعظم شخصية أخلا قية في التاريخ محمد (ص) الذي وصفه خالقه ومربيه في كتابه العزيز بقوله: وإنك لعلى خلق عظيم. تدعوا الأمة الإسلامية إلى اتباع هدي الرسول (ص) ويقول جل وتعالى (لقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وهذه الأسس الأخلاقية تضمن للبشرية السعادة والرخاء والأخوة الصادقة، كما هي وسيلة للسعادة في الدارين وهي في نفس الوقت وسيلة فعالة للتقريب بين الأمة الإسلامية وتجسيد وحدتها .
2- إن أهم عوامل انتشار الإسلام تكمن في حسن اخلاق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ومن بعده اهل بيته وأصحابه الكرام والدعاة المخلصين، قال الله عز وجل مبينا سر انتشار الإسلام وكثرة أتباعه مخبرا رسوله الكريم (ص) صاحب الأخلاق الكريمة (ولوكنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك) وكان الرسول (ص) يذم سوء الخلق فيقول: (سوء الخلق شؤم وشراركم أسوؤكم خلقا) وقال أيضا: (أكثرماتلج به امتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق) وقال أيضا: (أدبني ربي فأحسن تأديبي).
3- حياة الرسول الأعظم (ص) كانت مثالا ونموذجا واضحا للحياة الإسلامية فهو الإنسان الكامل المختار من قبل رب العباد لإيصال رسالته الخالدة والخاتمة إلى الناس أجمعين، وهو المرسل رحمة للعالمين قال الله عنه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وهو الإنسان النموذجي والمربي المرشد لأتباعه وللإنسانية جمعاء وارشاداته القيمة كانت تشمل جميع الناس في السلم والحرب فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام هو ذروة الإنسان الكامل وأحسن الناس خلقا وخلقا .
يؤكد سيد المربين محمد (ص) أهمية الأخلاق الكريمة في بناء الإنسان الكامل، مبينا سر بعثته الى الناس فيقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ولقد عبر ابن عم الرسول (ص) جعفر ابن ابي طالب الطيار رضي الله عنه وأرضاه في حديثه أمام ملك الحبشة النجاشي، في اسلوب رائع بيّن فيه ميزة الأخلاق الإسلامية التي أتى بها رسول الأخلاق والفضيلة والسلام محمد (ص) لانقاذ البشرية من هاوية الفساد والانحلال الخلقي والجهل المطبق ومن عبادة الأوثان إلى عبادة رب العباد حيث قال:
(كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ماكنا نعبد نحن وأباؤنا من الحجارة والأوثان وامرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم وسفك الدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور واكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وامرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله).
القسم الثاني
الأخلاق والسلوك الفردي
تستهدف تربية الإسلام روح الفرد وسلوكه لإيصال الفرد إلى درجة الكمال ليعبد الله مخلصا له الدين، ويبني مجتمعا فاضلا نقيا من الرذائل متآخ ومتعاون أساسه الحب والايثار والإخلاص؛ لأن الفرد هو قوام المجتمع إذا صلح صلح المجتمع كله وإذ فسد فسد المجتمع كله .
والمسلم المسؤول عن نفسه أمام الله فيما طولب به من تزكية نفسه وكفها عن شهوتها والوقوف في طريق غوايتها والحيلولة بينها وبين الفجور حتى تصير نفسا زكية صالحة نقية يقول الله عز وجل : (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قدأفلح من زكاها وقد خاب من دساها) ويقر الإسلام مسؤولية الفرد في اصلاح نفسه بتحملها تبعة ما يكسبه من خير أو شر فيقول الله عزوجل : (كل نفس بما كسبت رهينة)
تمثل العبادة في الإسلام الجانب المهم في تربية الفرد واصلاح المجتمع الإسلامي وتوحيد كلمته وما من عبادة إلا وتحمل في طياتها معنى يهدف إلى اشاعة الروح الإجتماعية المتعاونة والسعي نحو ترابط بين أبناء المسلمين وتكامل انساني رصين.
فالمسلم يصلي خمسة مرات في اليوم الواحد ليقف بين يدي ربه الواحد القهار، خاشعا حامدا ومستغفرا ذاكرا ربه الى جانب أخيه في صف واحد متراص "صفا كأنهم بنيان مرصوص" وراء إمام واحد يأتم به في قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه، متجها نحو الكعبة المشرفة يقول: "إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصرط المستقيم" . "ربنا ولك الحمد، وفي جلوسه يقول :السلام علينا وعلى عباد الله الصلحين .هنا تتجلى معالم الوحدة بكل معانيها، الإقرار بالعبودية والإستعانة بالله الواحد القهار يقولها المسلمون معا كما تظهر روح الوحدة أمام رب الواحد القهار.
والزكاة تقتلع من النفس جذور الشح وعبادة المال والحرص على الدنيا، وتخلق في النفس دعائم التعاون بين الغني والفقير وتجعلها تشعر بوجوب تكافل الجماعة ويخرجها من ضيق الأثر والانفراد بالنعمة .
والحج هجرة الى الله تروض النفس على المشقة وتفتح بصيرتها على بديع صنع الله في خلقه؛ حيث يجتمع الناس الذين يأتون من كل فج على صعيد واحد، وفي أيام معدودة يتعارفون ويتشاورون ويتعاونون ويلبون ويكبرون ويهللون، والكل إخوة في الله وفي رحاب الله وفي مؤتمر اسلامي دعا اليه رب العباد.
والصيام ضبط للنفس وتقوية للإرادة وحبس للشهوات وهو مظهر اجتماعي فريد يعيش فيه المسلمون شهرا كاملا على نظام واحد كما تعيش الأسرة في بيت واحد .
إن القيام بهذه العبادات المفروضة تربي المسلم على الإلتزام بما أمر به الله من طاعته وتجنب المحرمات والتحلي بالأخلاق الحسنة وتقرب بين المؤمن وتجسد الوحدة الإسلامية .
القسم الثالث
الأخلاق الإسلامية وتوجيه الأسرة
وينتقل الإسلام من تربية الفرد وتنمية الأخلاق الكريمة في نفسه إلى تربية الأسرة لأنها نواة المجتمع واللبنة الأولى في بنائه , وبعبارة أخرى الأسرة هي المجتمع الصغير الذي تنمو في ظله العلاقات الإجتماعية التي تساعد على بناء المجتمع الإسلامي الكبير (الدولة) على أساس مبادئ الأخلاق السامية، وكيان الأسرة يحتاج إلى قوامة تحكم أمرهم وتنظم شؤنهم حتى تصونهم من الاضطراب والفوضى وفساد الخلق، وفي اختيار الزوجة الصالحة ضمان حقيقية لسلوك أفراد الأسرة من البنين والبنات، إذ لا يمكن بناء أسرة على أركان مهدمة خلقيا لذا يقول الرسول (ص): (فاظفر بذات الدين تربت يداك) .
والعلاقة بين الزوجين هي السكن السليم لتنمية عواطف الود والرحمة بين الأبناء يقول الله عز وجل: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
ويضع الإسلام مبادئ وأسس أخلاقية كفيلة لمعالجة المشاكل الزوجية لكي يتم عن طريق الإحسان والعدل والرحمة في مساعدة كلا الجانبين على تجنب الخلافات الكبيرة وتعويدهم على ضبط النفس وقبول الحل الأمثل الذي يحافظ على كيان الأسرة وتماسكها، يقول الله عز وجل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما).
ويأمر الله عز وجل بمراعاة الأدب والخلق الكريمة مع الوالدين، ومعاملتهما باللين والحسنى والطاعة والصبر، وخاصة عندما يكبران لأن الإنسان عندما يكبر ويصل سن الشيخوخة يرجع مرة أخرى إلى حالة الضعف كما لوكان طفلا من حيث التصرف والإصرار على الرأي حتى وإن كان مخطئا مما يجعل طاعتهما من أصعب الأمور ولذاقال الله عزوجل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماو اخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، ويجعل التواضع لهما ومخاطبتهما بخطاب اللين والقول الحسن واجبا يجب على الأولاد مراعاته، كما يوجب الترحم عليهما والدعاء لهما .
القسم الرابع
دور الأخلاق في تحسين وتوطيد العلاقات الإجتماعية
لقد وضع الله سبحانه وتعالى منهجا كاملا وخا لدا في التربية النفسية والخلقية والإجتماعية، الذي يكفل اصلاح الفرد وقيام مجتمع رفيع كريم نظيف وسليم من كل النواحي كما يكفل صيانته واستمراريته قويا نظيفا، فيه يتعاون الضمير الحي المؤدب مع التشريع الآلهي كما يتعاون فيه الفرد مع نظم الدولة واجراءاتها، ويكفل للمجتمع وحدته في آياته البينات في سورة الحجرات :
1ـ ( يآأيهاالذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأفتبينوا أن تصيبوا قوما بجها لة فتصبحوا على ما فعلتم نا دمين).
هذه الآية الكريمة تعلم المؤمنين طريق التثبت من الأقوال والأفعال والتأكد من مصدرها قبل الحكم عليها أوالإعلان عنها . وهذا مبدأ أخلاقي أساسي لما يجب أن يكون فيه الآعلام الإسلامي أولا كما يوجب على كل من أفراد المجتمع الإسلامي التثبت في الأقوال والأفعال التي يروجها المروجون، وأن يكون الإعلام في الإسلا م مبرّأ من نشر الأكاذيب والإفتراءات والأراجيف والتشهير الذي سيؤدي إلى الشقاق بين المسلمين وبين الأ سر، وبين الأزواج كما تبين الآية عاقبة عدم التأكد من الخبر وهو الندم وإفساد العلاقات كما يؤثر عدم التثبت على الوحدة وتما سك الأمة.
2- (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهماعلى الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ الى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين).
هذه الآية الكريمة فيهادعوة كريمة أخلاقية ورائدة تبين أوجه العلاج الصحيح إذا وقع خلاف واقتتال بين المؤمنين، حرصا على وحدة الأمة الإسلامية، ألا وهي الإسراع إلى إقامة الصلح بين المتقاتلين وإزالة الجفوة التي بينهما بالتي هي أحسن، ومناصرة الحق والعدل في الحكم وإقرار السلام والأمن واعادة المياه إلى مجاريها .
3- (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) .
هذه الآية الكريمة الراشدة تبين حقيقة العلاقة بين المسلمين وهي كون المسلمين أيا كانوا وأين ما كانوا إخوة في الله، والحفاظ على هذه الإخوة التي فرضها الله واجب على المجتمع الإسلامي كله، والله سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين بإزالة الخلاف بين المتخاصمين وإعادت المودة والتراحم بينهما، وذلك حرصا على سلامة المجتمع الإسلامي ووحدته .
4- ( يآأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) .
تنهى هذه الآية الكريمة عن السخرية والإستهزاء أيا كان نوعه لأنها من الأخلاق الذميمة التي تسيء الى الفرد كما تنهى عن اللمز والتنابز بالألقاب؛ وهي ذكر بعض الأفراد بلقب السوء الذي يكرهه وهذه العادات هي من عادات الجاهلية لها جوانب سيئة وسلبية في المجتمع . لذا نهى الله عنها حفظا على سلامة المجتمع وحرصا على تجسيد المعاملة الطيبة الأخوية المتساوية.
5- (يآأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب يعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب الرحيم)
تدعو هذه الآية الكريمة المؤمنين إلى الإبتعاد عن الأسباب التي تؤدي إلى التباغض والعداوة حتى لايقع بين المسلمين ما يعكر صفوة العلاقات الأخوية أويضعف ما بينهم من المودة والتراباط والتراحم . إن تعاليم هذه الآية الكريمة هي الإبقاء على الوحدة الإسلامية والمودة والترابط فيمابين الأسرة والمجتمع ويأمر جل وتعالى :
1ـ الإبتعاد عن الظن ويحذر من عاقبة سوء الظن وكون سوء الظن بالإضافة إلى أثره السيئ في روح صاحبه وحياته يكون سببا لقطع أواصر الأخوة وتوتر العلاقات.
2- ألا يتجسس المسلم على أخيه المسلم .
5- ألا يغتاب المسلم اخيه المسلم مبينا حقيقة الغيبة وكونها من أقبح الصفات في جملة واضحة وكافية وصف فيها الخالق المغتاب كالذي يأكل لحم أخيه ميتا وهو عمل مشين تشمئز منه الأنفس: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) إذا إن الذي يغتاب الناس هو آكل لحم أخيه ميتا وهذا التمثيل كفيل من أن يجعل المؤمن بعيدا عن هذه الطبيعة الكريهة التي تحطم صرح الفضيلة وتفقد الإنسان مكانته وتجعله منحط المنزلة . وبعد التوجيه الإلهي يعظنا الله سبحانه وتعالى ويأمرنا بالتقوى كما يبين لنا أنه تواب رحيم.
6-( يا أيها الناس إناخلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم إن الله عليم خبير)
هذه الآية الكريمة تهتف بالإنسانية جمعاء على إختلاف أجناسها وتباعد أنصارها لتردها إلى أصل واحد وإلى ميزان واحد وأن الله جعل الناس شعوبا وقبائل ليتعرف بعضهم على بعض، ويؤاخي كل منهما الآخر ويتعاون ويعمر الأرض ويعبدالله وحده، وأن الميزان الذي يقوم به الإنسان هو خشية الله والعمل الصالح والله يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية يقول الرسول الأعظم في هذا الصدد وهوالمفسرللقرآن الكريم: (ليس لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي فضل إلا بالتقوى) وهذا هو الدستورالإ لهي لتحقيق وضمان حقوق الإنسان أياكان .
هذه الآيات الكريمة الراشدة كلها تمثل الهدف السامي من أهداف التربية الخلقية الإسلامية التي جاء بها القرآن ا لكريم لإصلاح الفرد والمجتمع والحكومات، كما تبين آداب السلوك وحسن المعاملة والحرص على تقوية أواصر الأخوة والمودة والتعاون والوحدة الشاملة. والحق أن هذه الآيات البينات والمرشدة تمثل دستورا عالميا أخلاقيا تعالج المشكلات وترسم لها الحلول وتربي في نفس المؤمن الخلق الحسنه وخشية الله ومعاملة أخيه بالخلق الحسنه، وتجنب المجتمع من التشتت والأنانية وسوء الظن وتجعله مجتمعا نقيا متحابا متعاونا ومتحدا، إذا اهتدى بهديها ورسم خطوط حياته على نهجها القويم. والخلق الحسن هو الوسيلة لحفظ الوحدة الإسلامية وتجسيدها .
القسم الخامس
الأخلاق الإسلامية الكريمة وبناء المجتمع الموحد
في بناء المجتمع الإسلامي الكبير، خير امة أخرجت للناس فالإسلام له منهج قويم ونظرة بعيدة المدى يتسع آفاقها أقطار الأرض وتضم تحت لوائهاكل أجناس البشربغض النظرعن الجنس واللغة والوطن .لأن الإسلام دين سماوي عالمي يدعو البشرية كلها الى عبادة الله الواحد القهاروإلى التحلي بالأخلاق الكريمة التي تكفل لها السعادة والإستقراروالأمن والمساواة.
من المعلوم إن العلاقات والروبط الإجتماعية في المجتمع الإسلامي مرتبطة بالرابطة الأخوية الإسلامية؛ رابطة الدين التي تقضي أن يكون المسلمون إخوة في الله يوصي بعضهم بعضا بالخير والتقوى والأعمال الصالحة ويساعد بعضهم الآخر لايجاد مجتمع متعاون فاضل يتعاون على البر والتقوى، يقول الله تبارك وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ) (وتواصو بالحق وتواصوبالصبر). سئل الرسول الكريم من أحب الناس إلى الله؟قال:أنفع الناس للناس (حديث شريف) .
وفيما يلي نضع الركائزالأخلاقية التي تضمن للمجتمع الإسلامي تعاونه ووحدته المنشودة وقوته فيكون مهابا مسموع الكلمة يبني حضارته الإسلامية المبنية على الأخلاق الكريمة وتكون خيرأمة أخرجت للناس كما أرادها الله لها.
عندما تلتقي يا أخي بشخص سيئ الأدب، سباب، شتام، بذيء القول، فاعلم أنه أساء لنفسه حين لم يهذبها ويحليها بمكارم الأخلاق
إن التقيت بشخص مراوغ غشاش.. فاعلم أنه لم يهذب نفسه بمكارم الأخلاق.
إن التقيت بشخص جائر ظالم.. أيضاً فاعلم أنه لم يكرم نفسه بتحليتها بمكارم الأخلاق..
إن واجهت شخصاً تحلى بأنواع شتى من الرذائل أو النقائص فاعلم أن ترك تهذيب نفسه حتى غرقت في مستنقعات الرذيلة..
هو إبراز دور الأخلاق الكريمة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية. وتجسيد الوحدة الإسلامية التي أمر الله جل وتعالى بها المؤمنين في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا) وقال تعالى : (إنما المؤمنون إخوة).
هذه الآيات البينات تحمل أمرا إلهيا بالوحدة وعدم التفريط بها وقال الرسول الأعظم سيدنا وقدوتنا معلنا سر بعثته ( إنما بعثت لأ تمم مكارم الأخلاق )
الإسلام دين ارتضاه الله، فهو دين تكافل وتعاون، دين إخوة وتضامن، دين عز وسعادة، دين يصلح لكل زمان ومكان وأمة، وفي كل يوم يثبت هذا الدين القيم قدرته على اصلاح العالم واحلال السلام والوئام بين بني البشر. ولا صلاح ولا أمان للعالم إلا به ، فيه النفع للفرد والمجتمع والدولة لأنه لم يترك فضيلة إلا حث على اتباعها ولا رذيلة إلا أمر باجتنابها.
لقد صاغ هذا الدين المسلمين جميعا على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغتهم وعاداتهم وتباعد أمصارهم في قالب واحد وألف بين قلوبهم وجعلهم أمة واحدة، راقية في أفكارها سليمة في عقيد تها متحدة الكلمة ملتئمة الصفوف متعاونة متضامنة : كلمتها لا اله الا الله محمد رسول الله (ص) كتابها القرآن الكريم، نبيها خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (ص)، رسالتها خاتم الرسالات الالهية، قبلتها الكعبة المشرفة ، تحيتها وشعارها السلام وخلقها القرآ ن.
فكانوا أمة شديدة البأس عظيمة القوة مسموعة الكلمة واسعة السلطان، قلمهم يكتب ويطاع، وحسامهم ينفض ويهاب، ورايتهم تحلق عالية فوق ربا الكون، فتجري تحتها العدل والمساواة والسلام. وبنوا بفضل تمسكهم بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى (ص)، وتماسكهم واخلاصهم وحسن خلقهم مجدا وسيادة وحضارة ذات أخلاق كريمة، وكانوا خير أمة أخرجت للناس. يصفهم القرآن الكريم ويقول: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفاررحماء بينهم) صدق الله العظيم .
قد يتساءل المرء عن سر هذه العظمة ومصدرها، ولن يطول التفكير لمن يبحث عنه ليجد الجواب : إنها الأخلاق الإسلامية الكريمة المقرونة بالإيمان الصادق وخشية الله وافراده بالعبودية، إنها الأخلاق الإسلامية بكل معانيها وصورها , ومصدرالعظمة هو التزامهم بتعاليم الإسلام الذي جاء به القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين محمد (ص).
القسم الأول
الأخلاق في الإسلام
يحض الإسلام على التحلي بالأخلاق الكريمة التي تهذب النفس، وتجعلها نقية زكية؛ وتوصلها إلى درجة الكمال وترفع مستوى عقيدة الإنسان وعبوديته لله الواحد القهار إلى أعلى مرتبة؛ وهي مرتبة الصالحين والصديقين والشهداء. ويحارب هذا الدين الحنيف الأخلاق الفاسدة التي تؤدي إلى الضياع والهلاك وفقدان الذات , وتدفعه إلى الدرك الأسفل من النار .
إن من مزايا حسن الخلق هو تأثيره القاطع والطيب في إيجاد التوفيق والفلاح للإفراد والمجتمع في الحياة . إذ أن أي شخص يتحلى بالأخلاق الكريمة يكون محبوبا لدى الإفراد والمجتمع فالناس في طبيعتهم الفطرية يميلون نحو الشخص الذي يتمتع بالأخلاق الحميدة، ولا يتحملون سوء الخلق مهما كانت مكانته . أما سوء الخلق فهو من العيب أوالمرض العضال الذي لاشفاء له وهو يسبب البغض والكراهية والنفور ويجر صاحبه إلى انقطاع المودة بينه وبين مجتمعه ، فإن الشخص سيّئ الخلق الفظ الغليظ القلب الذي لا يألف ولا يُؤلف، يجد بين نفسه والآخرين متاعب كثيرة، ولا يمكنه أن يرى فضائل المودة والرحمة والتعاون لأنه جلب على القساوة معاملة الناس بالسوء , كما يحطم صاحب سوء الخلق من قيمة العيش حتى في نطاق أسرته .
فاالصدق والأمانة والعدالة والوفاء بالعهد من الصفات الحميدة التي أوجبها الله، وكذلك المواساة والتراحم والسخاء وسعة الصدر والتعاون والتسامح والأخوة الصادقة ينظر اليها الإسلام نظرة تقدير وإجلال، كما ينظر إلى الصبر والإنابة والثبات والحلم وعلو الهمة والبسالة نظرة تعظيم واستحسان. ويعد ضبط النفس والعفو، وتجنب الرذائل من مكارم الأخلاق التي يستحسنها الإسلام ويحض على التحلي بها .
وأما اتباع الهوى والنذالة وقلة الأدب مع الله والناس وسوء الخلق وقساوة القلب والبخل وضيق الصدر والكذب والخداع والحسد والرياء والغيبة والنميمة والجبن فقد نهى الله عنها فليس لها مكان فى الإسلام .
المصدر الرئيسي للأخلاق الكريمة
المصدر الرئيسي الذي يحوي أسس ومبادئ الأخلاق الكريمة ويأمر بالتحلي بها هو القرآن الكريم، فيه منهج قويم وتوجيهات إلهية لبناء البشرية عامة أفراد وأسرة ومجتمعا ودولة نحو الصلاح والكمال ويبين الله سبحانه وتعالى في عدة آيات بينات مزايا الأخلاق الكريمة ووجوب التحلي بها ويحذر من الخلق الكريه، ويبين سوء عاقبتها كما أن الأحاديث النبوية وسيرة النبي العاطرة هي الأخرى بستان حافل بكل ما ينفع الناس في الحياة الدنيا والآخرة، فيها الإرشادات والتوجيهات التي توجه البشرية نحو الخير والفلاح .
لقد تضمن الاسلام شرائع عديدة في العقيدة والعبادات وسلوك الفرد والجماعات كلها تهدف فيما تهدف إليه، تربية النفس الإنسانية تربية سوية قوامها عبادة الله وحده، والتحلي بالأخلاق الحميدة التي تجعل الإنسان مثلا حيا للعبد الصالح المستقيم على أمر ربه متعاونا ومتحابا مع بني إخوانه في الله أولا وقبل كل شيء والعيش في وئام وسلام مع بني جنسه .
ولقد دعا القرآن الكريم إلى توحيد الله وعدم الشرك به والإخلاص في عبادته والخوف من سوء العاقبة، وعدم ارتكاب المعاصي وخشيته، وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وهذا هو الأدب المطلوب مع الله الواحد القهار عالم الأسرار . أما الكفر والعصيان والفسوق واتباع الهوى فهو من سوء الخلق . والإسلام إذ يثبت العقيدة في قلب الإنسان ويدعو إلى حسن الخلق يضع في نفس الإنسان حارسا خلقيا يدفعه إلى التأدب مع الله أولا واطاعته، والإئتمار بأوامر الله وتجنب المعاصي، يقول الحق تبارك وتعالى : (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) . وفي آية أخرى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) .
مدرسة الرسول الأعظم (ص)
مدرسة الرسول (ص) التي ينبوعها من المنابع العالية؛ الوحي والإلهام الالهي التي تستند الى التوجيهات الالهية، قدمت للبشرية أسمى وأفضل منهج متكامل للتكامل الإنساني وتهذيب النفس واصلاحها، تدعو الإنسان إلى أن يتجه بروحه إلى الكمال إلى المراتب العالية والى التحلي بالأخلاق الكريمة التي ترفع من مرتبته وتجعله انسانا متكاملا:
1ـ أن أسس الدين الخالد الذي من ينبوعه أسست مبادئ الأخلاق الكريمة الفاضلة على يد أكبر وأعظم شخصية أخلا قية في التاريخ محمد (ص) الذي وصفه خالقه ومربيه في كتابه العزيز بقوله: وإنك لعلى خلق عظيم. تدعوا الأمة الإسلامية إلى اتباع هدي الرسول (ص) ويقول جل وتعالى (لقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وهذه الأسس الأخلاقية تضمن للبشرية السعادة والرخاء والأخوة الصادقة، كما هي وسيلة للسعادة في الدارين وهي في نفس الوقت وسيلة فعالة للتقريب بين الأمة الإسلامية وتجسيد وحدتها .
2- إن أهم عوامل انتشار الإسلام تكمن في حسن اخلاق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ومن بعده اهل بيته وأصحابه الكرام والدعاة المخلصين، قال الله عز وجل مبينا سر انتشار الإسلام وكثرة أتباعه مخبرا رسوله الكريم (ص) صاحب الأخلاق الكريمة (ولوكنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك) وكان الرسول (ص) يذم سوء الخلق فيقول: (سوء الخلق شؤم وشراركم أسوؤكم خلقا) وقال أيضا: (أكثرماتلج به امتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق) وقال أيضا: (أدبني ربي فأحسن تأديبي).
3- حياة الرسول الأعظم (ص) كانت مثالا ونموذجا واضحا للحياة الإسلامية فهو الإنسان الكامل المختار من قبل رب العباد لإيصال رسالته الخالدة والخاتمة إلى الناس أجمعين، وهو المرسل رحمة للعالمين قال الله عنه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وهو الإنسان النموذجي والمربي المرشد لأتباعه وللإنسانية جمعاء وارشاداته القيمة كانت تشمل جميع الناس في السلم والحرب فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام هو ذروة الإنسان الكامل وأحسن الناس خلقا وخلقا .
يؤكد سيد المربين محمد (ص) أهمية الأخلاق الكريمة في بناء الإنسان الكامل، مبينا سر بعثته الى الناس فيقول: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
ولقد عبر ابن عم الرسول (ص) جعفر ابن ابي طالب الطيار رضي الله عنه وأرضاه في حديثه أمام ملك الحبشة النجاشي، في اسلوب رائع بيّن فيه ميزة الأخلاق الإسلامية التي أتى بها رسول الأخلاق والفضيلة والسلام محمد (ص) لانقاذ البشرية من هاوية الفساد والانحلال الخلقي والجهل المطبق ومن عبادة الأوثان إلى عبادة رب العباد حيث قال:
(كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ماكنا نعبد نحن وأباؤنا من الحجارة والأوثان وامرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم وسفك الدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور واكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وامرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله).
القسم الثاني
الأخلاق والسلوك الفردي
تستهدف تربية الإسلام روح الفرد وسلوكه لإيصال الفرد إلى درجة الكمال ليعبد الله مخلصا له الدين، ويبني مجتمعا فاضلا نقيا من الرذائل متآخ ومتعاون أساسه الحب والايثار والإخلاص؛ لأن الفرد هو قوام المجتمع إذا صلح صلح المجتمع كله وإذ فسد فسد المجتمع كله .
والمسلم المسؤول عن نفسه أمام الله فيما طولب به من تزكية نفسه وكفها عن شهوتها والوقوف في طريق غوايتها والحيلولة بينها وبين الفجور حتى تصير نفسا زكية صالحة نقية يقول الله عز وجل : (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قدأفلح من زكاها وقد خاب من دساها) ويقر الإسلام مسؤولية الفرد في اصلاح نفسه بتحملها تبعة ما يكسبه من خير أو شر فيقول الله عزوجل : (كل نفس بما كسبت رهينة)
تمثل العبادة في الإسلام الجانب المهم في تربية الفرد واصلاح المجتمع الإسلامي وتوحيد كلمته وما من عبادة إلا وتحمل في طياتها معنى يهدف إلى اشاعة الروح الإجتماعية المتعاونة والسعي نحو ترابط بين أبناء المسلمين وتكامل انساني رصين.
فالمسلم يصلي خمسة مرات في اليوم الواحد ليقف بين يدي ربه الواحد القهار، خاشعا حامدا ومستغفرا ذاكرا ربه الى جانب أخيه في صف واحد متراص "صفا كأنهم بنيان مرصوص" وراء إمام واحد يأتم به في قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه، متجها نحو الكعبة المشرفة يقول: "إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصرط المستقيم" . "ربنا ولك الحمد، وفي جلوسه يقول :السلام علينا وعلى عباد الله الصلحين .هنا تتجلى معالم الوحدة بكل معانيها، الإقرار بالعبودية والإستعانة بالله الواحد القهار يقولها المسلمون معا كما تظهر روح الوحدة أمام رب الواحد القهار.
والزكاة تقتلع من النفس جذور الشح وعبادة المال والحرص على الدنيا، وتخلق في النفس دعائم التعاون بين الغني والفقير وتجعلها تشعر بوجوب تكافل الجماعة ويخرجها من ضيق الأثر والانفراد بالنعمة .
والحج هجرة الى الله تروض النفس على المشقة وتفتح بصيرتها على بديع صنع الله في خلقه؛ حيث يجتمع الناس الذين يأتون من كل فج على صعيد واحد، وفي أيام معدودة يتعارفون ويتشاورون ويتعاونون ويلبون ويكبرون ويهللون، والكل إخوة في الله وفي رحاب الله وفي مؤتمر اسلامي دعا اليه رب العباد.
والصيام ضبط للنفس وتقوية للإرادة وحبس للشهوات وهو مظهر اجتماعي فريد يعيش فيه المسلمون شهرا كاملا على نظام واحد كما تعيش الأسرة في بيت واحد .
إن القيام بهذه العبادات المفروضة تربي المسلم على الإلتزام بما أمر به الله من طاعته وتجنب المحرمات والتحلي بالأخلاق الحسنة وتقرب بين المؤمن وتجسد الوحدة الإسلامية .
القسم الثالث
الأخلاق الإسلامية وتوجيه الأسرة
وينتقل الإسلام من تربية الفرد وتنمية الأخلاق الكريمة في نفسه إلى تربية الأسرة لأنها نواة المجتمع واللبنة الأولى في بنائه , وبعبارة أخرى الأسرة هي المجتمع الصغير الذي تنمو في ظله العلاقات الإجتماعية التي تساعد على بناء المجتمع الإسلامي الكبير (الدولة) على أساس مبادئ الأخلاق السامية، وكيان الأسرة يحتاج إلى قوامة تحكم أمرهم وتنظم شؤنهم حتى تصونهم من الاضطراب والفوضى وفساد الخلق، وفي اختيار الزوجة الصالحة ضمان حقيقية لسلوك أفراد الأسرة من البنين والبنات، إذ لا يمكن بناء أسرة على أركان مهدمة خلقيا لذا يقول الرسول (ص): (فاظفر بذات الدين تربت يداك) .
والعلاقة بين الزوجين هي السكن السليم لتنمية عواطف الود والرحمة بين الأبناء يقول الله عز وجل: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
ويضع الإسلام مبادئ وأسس أخلاقية كفيلة لمعالجة المشاكل الزوجية لكي يتم عن طريق الإحسان والعدل والرحمة في مساعدة كلا الجانبين على تجنب الخلافات الكبيرة وتعويدهم على ضبط النفس وقبول الحل الأمثل الذي يحافظ على كيان الأسرة وتماسكها، يقول الله عز وجل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما).
ويأمر الله عز وجل بمراعاة الأدب والخلق الكريمة مع الوالدين، ومعاملتهما باللين والحسنى والطاعة والصبر، وخاصة عندما يكبران لأن الإنسان عندما يكبر ويصل سن الشيخوخة يرجع مرة أخرى إلى حالة الضعف كما لوكان طفلا من حيث التصرف والإصرار على الرأي حتى وإن كان مخطئا مما يجعل طاعتهما من أصعب الأمور ولذاقال الله عزوجل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماو اخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، ويجعل التواضع لهما ومخاطبتهما بخطاب اللين والقول الحسن واجبا يجب على الأولاد مراعاته، كما يوجب الترحم عليهما والدعاء لهما .
القسم الرابع
دور الأخلاق في تحسين وتوطيد العلاقات الإجتماعية
لقد وضع الله سبحانه وتعالى منهجا كاملا وخا لدا في التربية النفسية والخلقية والإجتماعية، الذي يكفل اصلاح الفرد وقيام مجتمع رفيع كريم نظيف وسليم من كل النواحي كما يكفل صيانته واستمراريته قويا نظيفا، فيه يتعاون الضمير الحي المؤدب مع التشريع الآلهي كما يتعاون فيه الفرد مع نظم الدولة واجراءاتها، ويكفل للمجتمع وحدته في آياته البينات في سورة الحجرات :
1ـ ( يآأيهاالذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأفتبينوا أن تصيبوا قوما بجها لة فتصبحوا على ما فعلتم نا دمين).
هذه الآية الكريمة تعلم المؤمنين طريق التثبت من الأقوال والأفعال والتأكد من مصدرها قبل الحكم عليها أوالإعلان عنها . وهذا مبدأ أخلاقي أساسي لما يجب أن يكون فيه الآعلام الإسلامي أولا كما يوجب على كل من أفراد المجتمع الإسلامي التثبت في الأقوال والأفعال التي يروجها المروجون، وأن يكون الإعلام في الإسلا م مبرّأ من نشر الأكاذيب والإفتراءات والأراجيف والتشهير الذي سيؤدي إلى الشقاق بين المسلمين وبين الأ سر، وبين الأزواج كما تبين الآية عاقبة عدم التأكد من الخبر وهو الندم وإفساد العلاقات كما يؤثر عدم التثبت على الوحدة وتما سك الأمة.
2- (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهماعلى الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ الى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين).
هذه الآية الكريمة فيهادعوة كريمة أخلاقية ورائدة تبين أوجه العلاج الصحيح إذا وقع خلاف واقتتال بين المؤمنين، حرصا على وحدة الأمة الإسلامية، ألا وهي الإسراع إلى إقامة الصلح بين المتقاتلين وإزالة الجفوة التي بينهما بالتي هي أحسن، ومناصرة الحق والعدل في الحكم وإقرار السلام والأمن واعادة المياه إلى مجاريها .
3- (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) .
هذه الآية الكريمة الراشدة تبين حقيقة العلاقة بين المسلمين وهي كون المسلمين أيا كانوا وأين ما كانوا إخوة في الله، والحفاظ على هذه الإخوة التي فرضها الله واجب على المجتمع الإسلامي كله، والله سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين بإزالة الخلاف بين المتخاصمين وإعادت المودة والتراحم بينهما، وذلك حرصا على سلامة المجتمع الإسلامي ووحدته .
4- ( يآأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) .
تنهى هذه الآية الكريمة عن السخرية والإستهزاء أيا كان نوعه لأنها من الأخلاق الذميمة التي تسيء الى الفرد كما تنهى عن اللمز والتنابز بالألقاب؛ وهي ذكر بعض الأفراد بلقب السوء الذي يكرهه وهذه العادات هي من عادات الجاهلية لها جوانب سيئة وسلبية في المجتمع . لذا نهى الله عنها حفظا على سلامة المجتمع وحرصا على تجسيد المعاملة الطيبة الأخوية المتساوية.
5- (يآأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب يعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب الرحيم)
تدعو هذه الآية الكريمة المؤمنين إلى الإبتعاد عن الأسباب التي تؤدي إلى التباغض والعداوة حتى لايقع بين المسلمين ما يعكر صفوة العلاقات الأخوية أويضعف ما بينهم من المودة والتراباط والتراحم . إن تعاليم هذه الآية الكريمة هي الإبقاء على الوحدة الإسلامية والمودة والترابط فيمابين الأسرة والمجتمع ويأمر جل وتعالى :
1ـ الإبتعاد عن الظن ويحذر من عاقبة سوء الظن وكون سوء الظن بالإضافة إلى أثره السيئ في روح صاحبه وحياته يكون سببا لقطع أواصر الأخوة وتوتر العلاقات.
2- ألا يتجسس المسلم على أخيه المسلم .
5- ألا يغتاب المسلم اخيه المسلم مبينا حقيقة الغيبة وكونها من أقبح الصفات في جملة واضحة وكافية وصف فيها الخالق المغتاب كالذي يأكل لحم أخيه ميتا وهو عمل مشين تشمئز منه الأنفس: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) إذا إن الذي يغتاب الناس هو آكل لحم أخيه ميتا وهذا التمثيل كفيل من أن يجعل المؤمن بعيدا عن هذه الطبيعة الكريهة التي تحطم صرح الفضيلة وتفقد الإنسان مكانته وتجعله منحط المنزلة . وبعد التوجيه الإلهي يعظنا الله سبحانه وتعالى ويأمرنا بالتقوى كما يبين لنا أنه تواب رحيم.
6-( يا أيها الناس إناخلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم إن الله عليم خبير)
هذه الآية الكريمة تهتف بالإنسانية جمعاء على إختلاف أجناسها وتباعد أنصارها لتردها إلى أصل واحد وإلى ميزان واحد وأن الله جعل الناس شعوبا وقبائل ليتعرف بعضهم على بعض، ويؤاخي كل منهما الآخر ويتعاون ويعمر الأرض ويعبدالله وحده، وأن الميزان الذي يقوم به الإنسان هو خشية الله والعمل الصالح والله يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية يقول الرسول الأعظم في هذا الصدد وهوالمفسرللقرآن الكريم: (ليس لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي فضل إلا بالتقوى) وهذا هو الدستورالإ لهي لتحقيق وضمان حقوق الإنسان أياكان .
هذه الآيات الكريمة الراشدة كلها تمثل الهدف السامي من أهداف التربية الخلقية الإسلامية التي جاء بها القرآن ا لكريم لإصلاح الفرد والمجتمع والحكومات، كما تبين آداب السلوك وحسن المعاملة والحرص على تقوية أواصر الأخوة والمودة والتعاون والوحدة الشاملة. والحق أن هذه الآيات البينات والمرشدة تمثل دستورا عالميا أخلاقيا تعالج المشكلات وترسم لها الحلول وتربي في نفس المؤمن الخلق الحسنه وخشية الله ومعاملة أخيه بالخلق الحسنه، وتجنب المجتمع من التشتت والأنانية وسوء الظن وتجعله مجتمعا نقيا متحابا متعاونا ومتحدا، إذا اهتدى بهديها ورسم خطوط حياته على نهجها القويم. والخلق الحسن هو الوسيلة لحفظ الوحدة الإسلامية وتجسيدها .
القسم الخامس
الأخلاق الإسلامية الكريمة وبناء المجتمع الموحد
في بناء المجتمع الإسلامي الكبير، خير امة أخرجت للناس فالإسلام له منهج قويم ونظرة بعيدة المدى يتسع آفاقها أقطار الأرض وتضم تحت لوائهاكل أجناس البشربغض النظرعن الجنس واللغة والوطن .لأن الإسلام دين سماوي عالمي يدعو البشرية كلها الى عبادة الله الواحد القهاروإلى التحلي بالأخلاق الكريمة التي تكفل لها السعادة والإستقراروالأمن والمساواة.
من المعلوم إن العلاقات والروبط الإجتماعية في المجتمع الإسلامي مرتبطة بالرابطة الأخوية الإسلامية؛ رابطة الدين التي تقضي أن يكون المسلمون إخوة في الله يوصي بعضهم بعضا بالخير والتقوى والأعمال الصالحة ويساعد بعضهم الآخر لايجاد مجتمع متعاون فاضل يتعاون على البر والتقوى، يقول الله تبارك وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ) (وتواصو بالحق وتواصوبالصبر). سئل الرسول الكريم من أحب الناس إلى الله؟قال:أنفع الناس للناس (حديث شريف) .
وفيما يلي نضع الركائزالأخلاقية التي تضمن للمجتمع الإسلامي تعاونه ووحدته المنشودة وقوته فيكون مهابا مسموع الكلمة يبني حضارته الإسلامية المبنية على الأخلاق الكريمة وتكون خيرأمة أخرجت للناس كما أرادها الله لها.
0
عندما تلتقي يا أخي بشخص سيئ الأدب، سباب، شتام، بذيء القول، فاعلم أنه أساء لنفسه حين لم يهذبها ويحليها بمكارم الأخلاق
إن التقيت بشخص مراوغ غشاش.. فاعلم أنه لم يهذب نفسه بمكارم الأخلاق.
إن التقيت بشخص جائر ظالم.. أيضاً فاعلم أنه لم يكرم نفسه بتحليتها بمكارم الأخلاق..
إن واجهت شخصاً تحلى بأنواع شتى من الرذائل أو النقائص فاعلم أن ترك تهذيب نفسه حتى غرقت في مستنقعات الرذيلة..